يتميز التحكيم بأنه من أقدم الوسائل السلمية التي لجأ إليها البشر لحلّ خلافاتهم، سواء أكانت هذه الخلافات على مستوى الأفراد، أم على مستوى الجماعات. ولعل ديمومة هذه الوسيلة وتطورها، وما تشهده في وقتنا الحاضر من انتشار واسع، واستخدامها في تسوية النزاعات في الكثير من مجالات الحياة، على مستوى الأفراد، وعلى مستوى الأشخاص المعنويين، كالش...
قراءة الكل
يتميز التحكيم بأنه من أقدم الوسائل السلمية التي لجأ إليها البشر لحلّ خلافاتهم، سواء أكانت هذه الخلافات على مستوى الأفراد، أم على مستوى الجماعات. ولعل ديمومة هذه الوسيلة وتطورها، وما تشهده في وقتنا الحاضر من انتشار واسع، واستخدامها في تسوية النزاعات في الكثير من مجالات الحياة، على مستوى الأفراد، وعلى مستوى الأشخاص المعنويين، كالشركات والمؤسسات، وعلى مستوى الدول والمنظمات الدولية، ما يدل على أن التحكيم يشكل حاجة ملازمة لعلاقات البشر على كل المستويات، لما تنطوي عليه هذه العلاقات من تباينات وتعارضات بين رغبات البشر ومصالحهم، وما ينتج من ذلك من منازعات، تقتضي حكماً البحث عن وسيلة للفصل فيها، عن طريق طرف ثالث، عندما يعجز المتنازعون عن التفاهم المباشر. من هنا كان التحكيم حاجة قديمة قدم التجمع البشري.وإذا كانت المجتمعات البشرية قد تطورت على مدى آلاف السنين، لتصل إلى المستوى المتقدم الذي نعيشه اليوم، في ظل التنظيم الدولي المعاصر، فإن هذا التطور قد كشف أن وسيلة التحكيم بصفتها إحدى الوسائل السلمية لفصل الخلافات بين الدول وغيرها من أشخاص القانون الدولي، تشكل واحدة من الأسس التي لا يستقيم التنظيم الدولي، ولا تستقر الحياة البشرية، ولا يتعزز السلم والأمن الدوليان، وكذلك التعاون الدولي، من دون وجودها.