نبذة النيل والفرات:سعى هذا البحث لتبيان بعض جهود الإصلاح والتجديد وتدوين آثارها على تطوير مناهج الدراسات الدينية في العصر الحديث، ولتشكيل دافعاً ومحفزاً للمختصين الباحثين نحو الولوج في أعماق هذه التجارب الإنسانية الرائعة، ولتتبع بعض خصوصيات وقائع التطور والتحول العلمي والثقافي والمؤسسي لأهم مرحلة عند نهاية القرن التاسع عشر التي ...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:سعى هذا البحث لتبيان بعض جهود الإصلاح والتجديد وتدوين آثارها على تطوير مناهج الدراسات الدينية في العصر الحديث، ولتشكيل دافعاً ومحفزاً للمختصين الباحثين نحو الولوج في أعماق هذه التجارب الإنسانية الرائعة، ولتتبع بعض خصوصيات وقائع التطور والتحول العلمي والثقافي والمؤسسي لأهم مرحلة عند نهاية القرن التاسع عشر التي أسست لدور الإصلاح وقواعده ومنطلقاته، والمرور بخصوصيات وقائع نهاية القرن العشرين التي شهدت ولادة تجارب إصلاحية في مناهج الدراسات التعليمية في كل من المؤسسة التعليمية في الأزهر الشريف والقرويين والزيتونة والنجف الأشرف وكربلاء وقم المقدستين، وبلورة ما تمخض عن هذه التجارب من آثار على الجانبين: المؤسسي والمنهجي التعليمي، والتحولات المجتمعية الكبيرة ذات العلاقة في الواقع المعاصر.وكانت خطة السير في هذا البحث قد تحددت في إطار أربعة فصول رئيسية تقدمها تمهيد في تعريف الإصلاح لغة واصطلاحاً حيث عنى فيه بمفهوم الإصلاح وإختلافه عن المفهوم الغربي الذي طغى على منابع الفكر الديني وقواعده القيادية وأحدث انقلاباً حقيقياً على هذه الفكر وقواعده. كما عنى بمفهوم الإصلاح في المصادر الدينية وتفاعله عند جهود الإصلاح في المصادر الدينية وتفاعله عند جهود الإصلاح وتمسكها به في التعاطي مع المحيط التعليمي الديني.(أ) وقسم الفصل الأول من هذا الكتاب إلى قسمين: عني القسم الأول بمبدأ الإجتهاد ودوره في التمهيد للإصلاح والتجديد في مناهج الدراسات الدينية ومفهومه عند مدارس التجديد وأقسامه.وعني القسم الثاني بنشوء المؤسسة التعليمية الدينية وتطورها انطلاقاً من المساجد إلى الدور والمنازل، ثم استقلال التعليم الديني في أماكن خاصة به. كما عني هذا القسم بحركة الإبداع ودور التبعية والتقليد فضلاً عن أهم تجربة رائدة خاضتها أهم شخصية دينية (ابن إدريس) وأبدعت فيها.(ب) وغطى الفصل الثاني بعض جوانب التحولات المجتمعية التي سبقت ورافقت جهود الإصلاح والأسس الحضارية التي رافقت عهد التحول العلمي والمعرفي عند المسلمين وبدايات عهد الإنحطاط وغلبة الإستعمار القادم على عصبية علمية منظمة في ظل أجواء اضمحلال لمقومات عهد السلطنة العثمانية وتراجع الأوضاع التعليمية التي عاصرت هذه الظروف وتأثرت بها بشكل خطير.(ت) وفي الفصل الثالث دراسة تحليلية لخلفيات الإصلاح وعواملها وتفاعل التحولات السياسية والإدارية في سلطة العثمانيين في عاصمة السلطنة ذاتها وولاياتها وتقدم الجهود الإصلاحية التعليمية في بعض الولايات على الحركة التعليمية الجامدة في عاصمة السلطنة، ودور حركات التبشير في الجذب التعليمي وفصل التعليم المدني عن التعليم الديني ودور ذلك في إثارة حفيظة المؤسسة التعليمية الدينية وتأهبها للمواجهة، ودور الجذب التعليمي في خلق الجدل المجتمعي في أمر المناهج التعليمية وأثرها في الجمود أو التطور الحضاري. وفي هذا الجانب عنى هذا الفصل أيضاً بأهم ثلاث ولايات عثمانية تركت بصمات التطوير والتحديث واضحة وجلية على مناهج التعليم، هي العراق والشام ومصر، إضافة إلى صراع النفوذ في هذه الولايات الناجمة عن حركة التعليم المدني المسيحي التبشيري.وغطى هذا الفصل أيضاً مقومات وآليات التجديد بين فكر ابن خلدون والتنظيمات العثمانية وتطور جهود الإصلاح وخلفياته النظرية والعملية على دور النموذج الكبير السيد جمال الدين الأفغاني وانقلابه على الجمود وصناعته وتأصيله للبديل الثقافي والتعليمي الحضاري بمعونة تلامذته، وتفاعلات المؤسسة التعليمية الدينية عند اتجاهي الخلافة والتشيع، إضافة إلى ركائز الإصلاح والوعي وتفعيل الذاكرة والتصدي لمساعي قوى الإستعمار ودراسة ظواهره.(ث) أما الفصل الرابع فقد ناقش بتفصيل مواطن التقويم في المنهج القديم وغياب النظام والتدرج التعليمي وانقطاعه عن المحيط الخارجي، وأثر التمسك بالعلوم القديمة ومؤلفاتها، ومؤدى جهود الإصلاح في العراق ومصر وتونس والمغرب والجزائر، ثم تخلف النظم والطرق التعليمية القديمة.كما عالج هذا الفصل جزءً مهماً تناول مسألة التعليم الديني والإختراقات الثقافية بين اتجاهي التشيع والخلافة والغرب الوافد ودور الفلسفة والتصوف الفلسفي في ذلك، ومقومات منهج الإصلاح وصناعة البدائل المنهجية والمؤسسية ووجوه التعليم الديني العراقي بين حوزتي النجف وكربلاء المقدستين والمنفى واستقلاله وتطور البدائل المؤسسية، ثم محنة الأزهر الشريف والقرويين والزيتونة أمام تحولات الدولة وتطورها.