"أنا أهوى، أعشق، أحب وستستغرب أيها القارئ أن أبدأ قصتي بكلمات الحب والعشق والهوى ولكنها الحقيقة... فأنا أهوى الأطفال ومن كل قلبي، وأعشق براءتهم وسذاجتهم، وأحب أن يكون لي طفل جميل، أداعبه وأهدهده، وأحنو عليه فلا أقسو مطلقاً، ولكني محروم من هذه النعمة، لأنني حسب رأي الأطباء (إنسان عقيم) وُجد في هذه الحياة لينتهي من حيث بدأ. لقد فق...
قراءة الكل
"أنا أهوى، أعشق، أحب وستستغرب أيها القارئ أن أبدأ قصتي بكلمات الحب والعشق والهوى ولكنها الحقيقة... فأنا أهوى الأطفال ومن كل قلبي، وأعشق براءتهم وسذاجتهم، وأحب أن يكون لي طفل جميل، أداعبه وأهدهده، وأحنو عليه فلا أقسو مطلقاً، ولكني محروم من هذه النعمة، لأنني حسب رأي الأطباء (إنسان عقيم) وُجد في هذه الحياة لينتهي من حيث بدأ. لقد فقدت طعم الحياة الرائق منذ ذلك اليوم الذي ذهبت فيه برفقة زوجتي لنعرض نفسينا على الطبيب، وكان قد مرّ على زواجنا أكثر من عامين أمضيناها ونحن ننهل من معين السعادة الذي لا ينضب، وأفقنا من سعادتنا على ذلك الصوت القاسي الرهيب، صوت الطبيب وهو يصدر حكمه في قسوة وكأنه يطعن به قلبي الذي أحسست به وهو يخفق في ضربات متلاحقة، فأنا العقيم وليست زوجتي، ونظرت إليها فهالني أن أرى دمعة أنيقة تنحدر على صفحة الوجه الجميل في سرعة مخيفة وكأنها تبحث عن المخبأ حتى لا تصادفها نظراتي. ومددت يداً باردة كالثلج أصافح بها ذلك القاسي المتحجر القلب الذي قذف كلماته في أذني في يسر وسهولة دون أن يحس ما لوقع كلماته في نفسي من تأثير نسيء بدا واضحاً جلياً في قسمات وجهي التي أربدت وعيني التي أغمضتها ساعة يأس وكأنني أحلم. أنا أهوى، أحب، أعشق، ولكن كل أحلامي الحبيبة، آمالي الكبيرة ذهبت هكذا فجأة، تبخرت سطت عليها رهبة الموقف، فاندفعت تهرب من الواقع في سخرية مريرة".هذا جزء من محتوى نموذج من أصيل قصص المملكة العربية السعودية، هو نموذج من أدب الروائي غالب حمزة أبو الفرج، الذي هو أدب راقٍ في أهدافه وفي بنائه إذ أن قصص وروايات غالب حمزة، والتي سيطلع عليها القارئ في هذه المجموعة، فقد قدمت صورة واضحة، ومن خلال تقنيات الكتابة من أسلوب شفاف، وعبارات بسيطة ترقى في معانيها إلى مستوىً عالٍ معنىً ومبنىً، إلى البنية الأدبية الروائية والقصصية قدمت أدبيات غالب حمزة صورة واضحة عن المجتمع السعودي الذي يبدو أن التزم التعريف به والتزم أن يكون السيف الحامي المدافع عن كل جميل وأصيل فيه. لذا يمكن القول بأن تجربة غالب حمزة أبو الفرج مثلت جانباً هاماً وأساسياً في التجربة الأدبية، الروائية والقصصية في المملكة العربية السعودية وكان لها طابعها الشفاف والمتميز والهادف في ذاك المجال.