موضوع هذا البحث على إمتداده في الزمن وتوغله في القدم الجديد، جديد لأنّه يمثل اللغة في شكلها الإبداعي والفني، وجديد لأنّه موضع تفاخر الناس جميعاً قدماء، ومحدثين أدباء ونقاد ومتكلمين؛ حتى صار موضوع جدل ومناقشة قروناً متطاولة؛ وجديد لأنّه لم يتوصل إلى مجاهله؛ وجديد ولأنّ الباحث فيه يطلّ على اللغة من نافذة كبرى بحيث يراها بناء حيّاً...
قراءة الكل
موضوع هذا البحث على إمتداده في الزمن وتوغله في القدم الجديد، جديد لأنّه يمثل اللغة في شكلها الإبداعي والفني، وجديد لأنّه موضع تفاخر الناس جميعاً قدماء، ومحدثين أدباء ونقاد ومتكلمين؛ حتى صار موضوع جدل ومناقشة قروناً متطاولة؛ وجديد لأنّه لم يتوصل إلى مجاهله؛ وجديد ولأنّ الباحث فيه يطلّ على اللغة من نافذة كبرى بحيث يراها بناء حيّاً متكاملاً، تتجسّد فيه القوانين: قوانين البناء وقوانين الجمال حتى ليُخيل إليك أنّك أمام جوقة موسيقيّة مثيرة للإعجاب.وهذا البحث شاخص إلى تعرّف قوانين اللغة بعامة، وقوانين المجاز بخاصة، وشاخص كذلك إلى التعرّف على وظائف هذه القوانين من جهتي الحقيقة والمجاز في البناء اللغوي، كما يحاول أن يتتبع ظاهرة التجوّز فيه، ليكشف عن حقيقة مؤداها أنّ التجوّز بأشكاله المتعددة، وأنواعه المختلفة لا يكون إلاّ في إطار أنظمة اللغة ولا يخرج عنها بأي حال من الأحوال.وقد اتبع الكاتب في هذا البحث منهج القراءة الإبستمولوجيّة لأنه مفيد في تسليط الأضواء على القضايا اللسانيّة في التراث والتي يمكن الإفادة منها في الدرس اللغوي الحديث؛ فإذن تهدف هذه الدراسة إلى فهم النظريّة اللسانيّة العربيّة، من خلال البحث في النظم المعرفيّة التي أسست العقل اللساني العربي، وقد انقسمت إلى مدخل وبابين، فأما المدخل فقد أوضح فيه الكاتب غير واحد من مصطلحات هذا البحث، التي كثيراً ما يقع الخلط بين مفاهيمها عند الباحثين والدارسين.أمّا الباب الأوّل، فقد درس فيه القوانين الكليّة للغة وهي أنظمتها القائمة فيها، أو قل هي مجموعة القواعد والقوانين التي تنتظم اللغة في شكل مجموعات، وكل مجموعة تمثل نظاماً قائماً فيها، له صلة وإرتباط بغيره من الأنظمة داخل البناء اللغوي، كالنظام الصوتي والنظام الصرفي وغيرهما؛ وقد قسمه ثلاثة فصول، كلّ فصل يمثل نظاماً من أنظمة اللغة، أما فصل الأوّل فخصصه بالنظام الصوتي؛ وتحدث في الفصل الثاني عن النظام الصرفي، الذي هو مخصوصٌ ببنية الكلمة والتغيير الذي يطرأ عليها لغرض لفظي أو معنوي، أمّا الفصل الثالث: فدرس فيه النظام النّحوي، الذي هو مخصوص بالجملة ومدارج القول.أمّا البابُ الثاني فخصصه بالمجاز في اللغة العربية، وقد قسمه ثلاثة فصول كذلك؛ تناول في الفصل الأوّل اللغة بين الحقيقة والمجاز؛ أما الفصل الثاني: فخصصه بظاهرة التجوّز، أسبابها ودواعيها؛ وفي الفصل الثالث: درس علاقة المجاز بقوانين اللغة.