نبذة النيل والفرات:يعد الشاعر الكبير الشيخ علي الشرقي من رواد النهضة الأدبية في العراق منذ الربع الأول من هذا القرن لدوره الكبير في تطوير الشعر شكلاً ومضموناً، فقد نظم في مختلف الموضوعات السياسية والإجتماعية وعالج بما نظم كثيراً من القضايا التي تطلبت المعالجة إبان الصراع الدائر بين قوى الإحتلال وبين تصاعد المد الثوري للشعب العرب...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:يعد الشاعر الكبير الشيخ علي الشرقي من رواد النهضة الأدبية في العراق منذ الربع الأول من هذا القرن لدوره الكبير في تطوير الشعر شكلاً ومضموناً، فقد نظم في مختلف الموضوعات السياسية والإجتماعية وعالج بما نظم كثيراً من القضايا التي تطلبت المعالجة إبان الصراع الدائر بين قوى الإحتلال وبين تصاعد المد الثوري للشعب العربي وصولاً إلى التحرير والإستقلال. وقد إشتهر الشرقي برباعياته وفيها تناول بعض القضايا الفلسفية في الحياة وكثيراً من مشكلات المجتمع ومنها مشكلة الفلاح وكان يستهدف بذلك الوضع السياسي والإجتماعي بكل صراحة وجرأة. كانت بيئته الأولى – النجف – وهي من المدن الشهيرة في المحافظة على التراث العربي والإسلامي وقد درس فيها العلوم السائدة آنذاك من نحو وصرف وبلاغة ومنطق وأصول وفقه... على أن الشاعر لم يكتف بهذه العلوم بل أخذ يتطلع إلى الآفاق الأدبية فيقبل على الشعر يقرأ ويحفظ منه... كان للشرقي إلمام كبير بالتراث القديم كما كان له إطلاع واسع على التيارات الأدبية التي كانت تطل على العراق في أوائل القرن العشرين من خلال الصحافة العربية في مصر وسوريا... كان مبكراً في نظم الشعر ولا يبعد أنه مارس النظم وهو في منتصف العقد الثاني من عمره فقد ظهرت بواكير نظمه في السياسة عام 1909 م بما كان قد نشره في الصحف آنذاك ثم إستمر على تصوير الحياة والمشكلات السياسية والإجتماعية بقدر ما كانت ظروفه مواتيه مطاوعة... ولم ينقطع الشرقي عن نظم الشعر حتى في شيخوخته إلا أنه كان في هذه السن مقلاً لم تؤثر فيه إلا المناسبات القوية الدافعة التي كانت تهم الأمة والعالم كالحرب العالمية الثانية والدعوة إلى السلم وما يجري على الساحة العربية من أحداث. وكان الشرقي منذ شبابه يتحف بشعره هذا صحف العراق ولبنان لذلك وجدنا معظم ما نظمه من قصائد ورباعيات وموشحات ومزدوجات منشوراً في تلك الصحف ولم يشذ عن النشر إلا القليل مما نظمه في بعض المناسبات الخاصة في النجف وكان ذلك في أوائل شبابه. وقد تناول الشرقي كبقية معاصريه من كبار الشعراء قضايا الوطن العربي في الحجاز ونجد وسوريا ولبنان ومصر وليبيا وكان يشارك في تلك الأحداث مشاركة واعية ظهرت بداياتها في حرب طرابلس مع إيطاليا في سنة 1911 فقد كان له فيها أكثر من قصيدة واحدة. ولم يغفل الشرقي جانباً كبيراً من رسالة الشاعر العربي من رسالة الشاعر العربي في القرن العشرين وهو الدعوة إلى الوحدة العربية فقد كان يمارس هذه التجربة في شعره بأسلوب هاديء ومتزن. على أن مظهراً بارزاً بنفرد به الشرقي من بين معاصريه هو لغته وأسلوبه في معالجة الشعر فقد كان يستخدم الرمز والإيحاء والأمثال القديمة والحديثة والتشبيهات والإستعارات والكنايات والأخيلة المتنوعة ليبتعد عن الأسلوب التقرير المباشر كما فعل كثير من معاصريه ولم يبتعد في لغته عن إستخدام كثير من المفردات الشائعة في بيئته ولكنه كان يستخدمها بإداء سمح طيع ينسجم مع تلك المعاني والصور والأخيلة. ولم يقتصر الشرقي على الشعر فقد كان ناثراً لا نبخل عليه بأن نعده من كبار الكتاب في البلاد العربية وقد كتب في موضوعات تاريخية وإجتماعية وسياسية وأدبية وقد وجدنا معظمها في الصحف والمجلات وظهر بعضها في كتب أشرنا إليها في ورقة حياته... وكانت لغته في النثر أشبه ما تكون بلغته في الشعر فقد كان حين يكتب بحثاً أو دراسة أو مقالة كأنه ينثر شعراً. وفي عام 1953 نشر ديوانه ( عواطف وعواصف ) لأول مرة ولكن هذا الديوان الذي نشره لم يضم كل شعره بل فاته الكثير مما نظم. ولقد رأت وزارة الثقافة والفنون أن يجمع شعر الشرقي وينشر في ديوان جديد يجمع كل ما نظمه جرياً على ما دأبت عليه في إحياء دواوين الشعراء الكبار وغيرهم من قدماء ومعاصرين فأناطت هذا العمل، فنهض بالباحثين إبراهيم الوائلي وموسى الكرباسي، ولم يكتفا في بحثهما وإستقصائهما بالديوان المطبوع ولا بالصغير المخطط، بل وقفا على الصحف من مجلات شهرية وأسبوعية وجرائد إعتاد النشر فيها وأخذا ما دونه فيها من شعر. وإتجها إلى القماطر والرفوف القديمة في النجف وغيرها ليستلا من بين تلك الاوراق المبعثرة بعض القصائد التي لم يتح لها أن تنشر في الصحف. وقد أسفر هذا البحث وذلك الإستقصاء عن هذه المجموعة التي يمكن أن تكون كاملة إلا ما شذ عن بعض المخطوطات القديمة. ولقد كان عملهما بعد الجهد أنهما رتبا هذا الديون الجديد ترتيباً زمنياً راعيا فيه تواريخ النظم والنثر في معظم القصائد والموشحات والرباعيات ولم يسلك فيه مسالك الشاعر حين طبع ( عواطف وعواصف ) إذ جعل أوائل نظمه في أواخر الديوان. كان ترتيبها للديوان مبوباً كالآتي: 1- القصائد. 2- الموشحات. 3- الرباعيات: صور ونوازع، مع البلبل الطليق، مع البلبل السجين، المزدوجات ( الثنائيات ).