استقام جالسا في منتصف الفراش، الدنيا ليل والعالم رخ ينام علي بيضة الصمت والظلام.( 1 )فكر ان تكون العبارة بداية متقمصة لقصته التي تدور بها طواحين رأسه وتتصل روافعها بذراع آلي مضطرب كالبندول ولا يستقر، لكنه لاحظ شيئا نسف البداية المرجوة، إذ كل ما فكر في كتابته مؤخرا كان يبدأ بصحو من نوم أو فتح عينين أو خروج من باب!، كلها أفعال يمك...
قراءة الكل
استقام جالسا في منتصف الفراش، الدنيا ليل والعالم رخ ينام علي بيضة الصمت والظلام.( 1 )فكر ان تكون العبارة بداية متقمصة لقصته التي تدور بها طواحين رأسه وتتصل روافعها بذراع آلي مضطرب كالبندول ولا يستقر، لكنه لاحظ شيئا نسف البداية المرجوة، إذ كل ما فكر في كتابته مؤخرا كان يبدأ بصحو من نوم أو فتح عينين أو خروج من باب!، كلها أفعال يمكن أن تشير الي تغيير من نوع مالا يدركه الان لكن لابد ان نفسه الخفية حافلة به، كونه لم يلتفت الي هذا التغيير امر يثير القلق، ربما الخوف ايضا، اذ من ادراه بطبيعة هذا التغير المتنظر وما الذي يمكن ان يحمله في طياته لو كان حقيقيا!، كما ان معظم أفعال اليقظة والنوم، الفتح والغلق، الدخول والخروج.. تتراوح كلها بين النقيضين، أبيض وأسود، ظلمة ونور.. مما يضاعف من حجم قلقه، فالمرضي فقط- وجامدو العقول- هم من يرون الأشياء بكل هذا الوضوح والحدية والتناقض، فكر مرة اخري في ضرورة اللجوء الي مراجعة سريعة عله يجد تفسيرا مريحا أكثر لهذا الأمر.لكنها لن تكون مراجعة شاملة..اضاف وهو يفكر ان لا وقت لذلك في اعماق الليل ومنتصف النوم، لديه عمل في الصباح، وهو الآن في منتصف الفراش فعلا، عليه ان ينهي هذه الوقفة مع اليقظة باسرع وقت حتي لاتتحول الي منزلق خطر يستهلك الساعات، منزلق يدلف من فتحته ويهوي عبر مجاريه الزلقة الملتوية الي قاع الحفرة التي يجد نفسه محبوسا فيها مع وحش الأرق وجها لوجه، هو لا يستعمل المهدئات، ولا حتي الخمور التي يحبها، لأغراض التعامل مع النوم والهروب من الأرق..فكر أيضا ان تكون العبارة السابقة هي العبارة التالية في قصته المزمعة.. بعد العبارة الأولي ولكن بعد اصلاح خلل الابيض والاسود الذي اكتشفته قبل ان يتسبب في اعطال لمخيلتي!.. ربما لو تمكن من معالجة العبارتين السابقتين يحظي باضاءة اخري تنير له اشكالية الأبيض والاسود التي استشعر طلائعها، لكن شخصا منظما الي حد انه لايستخدم الخمور للهروب من القلق هل يمكن ان يعاني قلقا فادحا مثل الذي تتحدث عنه قصته!، قرر ان يترك هذه الملاحظة لمعادلات النقد الغبية واتخذ تفكيره هو مسارا اخر، اذ بالرغم من انه لا يقبل علي تناول الخمر في غير ايام الاجازات الا انه عندما يفعل فهو يشرب بافراط وشراهة وبلا استقباء لأي حذر، ربما يكون قريب الشبه من هذه الجهة بالغربيين اكثر من بعض مواطنيه الذين يشربون المحيط دون أن يؤثر الشرب أو المحيط علي ايقاع يومهم التالي أو مواعيد ذهابهم للعمل.