قال المؤلف : بسم الله الرحمن الرحيم, والصلاة والسلام على سيدنا محمد (ص), أشرف الأنبياء والمرسلين. لقد حثنا القرآن الكريم على التدبر والتفكر في خلق الكون, وفي خلق الإنسان وبقية المخلوقات, لِما في ذلك من تحصيل للمعرفة وتوطين للإيمان. ويتجلى تكريم المولى, جل شأنه, للعلم والعلماء في أن حملت أول سورة نزلت من القرآن الكريم إسم القلم. ...
قراءة الكل
قال المؤلف : بسم الله الرحمن الرحيم, والصلاة والسلام على سيدنا محمد (ص), أشرف الأنبياء والمرسلين. لقد حثنا القرآن الكريم على التدبر والتفكر في خلق الكون, وفي خلق الإنسان وبقية المخلوقات, لِما في ذلك من تحصيل للمعرفة وتوطين للإيمان. ويتجلى تكريم المولى, جل شأنه, للعلم والعلماء في أن حملت أول سورة نزلت من القرآن الكريم إسم القلم. بل أن النبي الكريم (ص) أُمِر بالقراءة في أول وحي أُنزل إليه. وكذلك هو الحال مع آدم, عليه السلام, إذ كان العلم أول ما كرمه به المولى, عز وجل, عندما علمه الأسماء كلها. وعلى الرغم من معصية آدم وأكله من الشجرة المحرمة, إلا أن المولى, عز وجل, أسجد له ملائكته الذين يسبحون بحمده ويقدوسون له ولا يعصونه, لا شيئ, إلا لأنه كان أعلم منهم. وقد إقترن العلم بالحكمة وبالنبوة في العديد من الآيات القرآنية. ومَنَّ المولى, جل شأنه, على أنبيائه حين كرمهم وحباهم بالعلم, حتى يكونوا أهلاً لحمل رسالته. وكرَّم, جل شأنه, العلماء وشهد بفضلهم في مواقع عديدة من القرآن الكريم, لكونهم أكثر الناس إيماناً به وخشيةً له, ولمقدرتهم على تمييز الحق وإتباعه. وورد في القرآن الكريم أن المولى, عز وجل, يُبين ويُفصِّل آياته لقوم يعلمون. وقد وصف القرآن الكريم المشركين بأنهم قومٌ لا يعلمون. ويمكن تصنيف الجهل بالحقائق القرآنية على أنه أقرب إلى الضلال, لأن القرآن الكريم بين لنا أن الناس الذين يضلون بأهوائهم إنما يضلون بغير علم. وأحياناً قد يقترب المسلم من الضلال نسبةً لعدم مقدرته من فهم بعض الحقائق القرآنية فهماً صحيحاً. خذ على سبيل المثال, سوء الفهم الذي أحاط بتفسير ثاني آية نزلت من القرآن الكريم: خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2): سورة العلق (96).إذ فُسرِت: "عَلَقٍ" على أنها قطعة الدم الجامدة, وليس الشيئ الذي يعلق, وهو الأمر الذي أخَّل بالمعنى وأخرجه عن محتواه, بل وجعل من القرآن الكريم مصدراً لسخرية بعض العلماء من غير المسلمين, لعلمهم أن الإنسان لم يُخلق من قطعة دم جامدة. وقد لا نلوم من إطلع من غير المسلمين على مثل هذه التفساير المغلوطة, فقاده ذلك إلى التمادي في الشرك, خاصة إذا طرحنا له هذه التفاسير على أنها حقائق قرآنية لا تقبل الجدل. والمحزن حقاً, أنه يوجد في عصرنا هذا, من يصر على مثل هذا التفسير المغلوط من بين فقهائنا, دون علمٍ منه بأن الدهر قد عفا عليه. ويجب على كل مسلم, خاصةً علماء وفقهاء الأمة, أن يواكبوا تطور العلوم البشرية, وأن يحاولوا فهم آيات الحقائق القرآنية على ضوء المعارف الحديثة. وإلا سنصبح موضعاً لسخرية غير المسلمين, على الرغم من أننا نحمل بين أيدينا قرآناً ملؤه الإعجاز. وقد كنت كثير السؤال لنفسي, بعدما وقفتُ عند هذا التفسير وغيره من التفاسير المغلوطة في سنين صباي: "كم هي آيات الحقائق القرآنية التي أخطأنا فهمها, نتيجة جهل فقهائنا بالعلوم الحديثة؟". وعندما لم أجد أجوبة شافية على العديد من تساؤلاتي بدأت في التأمل والتفكر في نصوص خلق الإنسان في القرآن الكريم. وشيئاً فشيئاً تحول ذلك التأمل والتفكر إلى البحث الجاد. وكان هذا الكتاب نتيجة ذلك البحث والتأمل الذين أخذا حيزاً من تفكيري ودراستي لسنين طويلة........محتويات الكتاب المقدمة الباب الأول: خلق آدم, عليه السلام, في القرآن الكريم الباب الثانى: هل سكن آدم وحواء جنة الخلد؟ الباب الثالث: خلافة آدم, عليه السلام, في الأرض الباب الرابع: الخلق من تراب الباب الرابع: الخلق في الأرحام الباب السادس: الخلق من طين الخاتمة : منهج تفسير القرآن بالبحث فيه