الرد المحكم المتين على كتاب القول المبيين

إن طائفة من المتنطعين، ومن حذا حذوهم من المتهوسين والمتهوكين، قد أكثروا الصراخ والضجيج وبالغوا في الصياح والنئيح، ونادوا بالويل والثبور، وفاهوا بعظائم الأمور، وزعموا - زورًا وبهتانًا - أن من زار قبر من قبور الأنبياء أو الأولياء، وتوسل بصاحبه إلى الله أو أستشفع به لديه خرج من زمرة الموحدين، ودخل في عديد المشركين (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا) فرقوا بذلك بين جماعة المسلمين، واتخذوا من ضعفاء العقول أنصار لنحلتهم يروجونها بأساليب تشبه الحق وليست بحق، فلبسوا على العامة أمر دينهم بما ألقوا إليهم من دعاوي كاذبة منمقة وأقاويل باطلة مروقة، فعظمت بهم الفتنة، وجسمت المحنة، شغلوا الناس عن الواجب المندوب، وألهوهم عن الأهم بما ليس بمهم، أينما ذهبت وجدتهم يكفرون أصحاب التوسل والزيارة، بآيات نزعوا بها في غير منزعها، وحرفوها عن مواضعها، لا يفقهون ما يقولون أن هي ألا أشياء تلقفوها.