"بو لقلق" هو العمل الروائي الثاني للدكتور عبد الله المدني، الباحث والمحاضر الأكاديمي في العلاقات الدولية والدراسات الآسيوية من مملكة البحرين. تدور أحداث الرواية في الفيليبين عام 1983م بعيد إنتصار ثوار الفييتكونغ الشيوعيين على نظام سايفون الموالي للولايات المتحدة في الحرب المعروفة التي حصدت أرواح مليوني فييتنامي ونصف مليون عسكري ...
قراءة الكل
"بو لقلق" هو العمل الروائي الثاني للدكتور عبد الله المدني، الباحث والمحاضر الأكاديمي في العلاقات الدولية والدراسات الآسيوية من مملكة البحرين. تدور أحداث الرواية في الفيليبين عام 1983م بعيد إنتصار ثوار الفييتكونغ الشيوعيين على نظام سايفون الموالي للولايات المتحدة في الحرب المعروفة التي حصدت أرواح مليوني فييتنامي ونصف مليون عسكري أمريكي وقبل أن تكتسح قوات فيتنام الشمالية أراضي الشطر الجنوبي وتعلن توحيد البلاد تحت رايتها. في هذه الأثناء يكلف بطل الرواية "خالد" الشاب الخليجي الطموح بالقيام برحلة متعلقة بعمله الرسمي الرسمي الجديد كموظف في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وكانت المهمة دراسة أوضاع اللاجئين الفيتناميين وتقديم تقرير مفصل عن أحوالهم إلى مرجعيته في جنيف". وهكذا بأسلوب أدبي وسردي مشوق، وبحبكة روائية فريدة، تجسد مأساة إنسانية خاصة لهؤلاء اللاجئين الذين هربوا من ديارهم وإنتشروا في بلدان شرق آسيا، ينقل لنا الأديب صور القلق والخوف والرعب من المصير المجهول الذي ينتظرهم في ميناء الوصول، تقول "فام" في حوار لها مع خالد أثناء قيامه بعمله " إذا ما وصلنا تعرضنا إلى عواصف بحرية شديدة... كما تعرضت ورفيقاتي إلى التحرش الجنسي والإغتصاب داخل السفينة من قبل الربان ومساعديه". ولكن على الرغم من واقعية وتراجيدية هذه الرواية، إلا أنها لا تخلو من الخيال الإبداعي الذي إستولده الكاتب من خلال الرحلات والمغامرات العاطفية وغير العاطفية لبطل الرواية إثناء إقامته في فندق "مانيلا" المصنف ضمن فنادق الخمس نجوم، وتردده على الحانة "تاب روم" وهناك تصادفه أجمل مفاجأة "إسترعى إنتباهه وجود فتاة تعطي ظهرها للمتواجدين... إنها جوزفينا، يبدأ بوصفها، صاحبة وجه جميل صبوح، وعينين عسليتين واسعتين نسبياً. ليس هذا فحسب وإنما أيضاً صاحبة قوام ممشوق وطل فارع وخصر نحيل، ونهدين متورمين قافزين إلى الأعلى، ورقبة مصقولة " . فهل هي حبه الحقيقي أم هي مجرد نزوة عابرة. محطات متعددة ومواقف مؤثرة تحتويها هذه الرواية أضاء بها الكاتب على ضحايا الحروب والنزاعات المسلحة وسيطرة الأقوياء على الضعفاء التي نجدها في كل بقاع الأرض، ولا تختص بها دولة عن اخرى، إلى درجة أن الحرب أصبحت ثقافة العصر وميزته، والنظر إلى الضحايا كحالة طبيعية لا يهتز لها وجدان ولا تصرخ لها الضمائر، فكانت هذه الرواية شهادة علم إجتهاد كاتب موهوب إستخلص من تجربته في عمله السياسي والأكاديمي رؤيته الخاصة كتحفة فنية رائعة جمع فيها ما بين الخيالي الرومانسي والواقعي التراجيدي، ليطرح قضايا ومسائل متشعبة وتناقضات شتى، أضاء عليها بأمانة وبحس نقدي جذري للواقع، فكان خير من كتب وخير من أبدع.