الكتاب الذي بين أيدينا كتاب عظيم وجليل وخطير.. وهو كتاب يقف بنا في مفترق الطرق، ويؤرخ لمرحلة جديدة وفريدة في كتابة وصناعة التاريخ... إن الكتاب الذي بين أيدينا هو صناعة للتاريخ وهو أيضاً كتابة له. ولقد صنع المؤلف الاتريخ عبر كلماته التي سعت وعملت من أجل إخراج الأستاذ محمود محمد طه من سجون التشويه والتحامل والتجاهل والتغييب عن الذ...
قراءة الكل
الكتاب الذي بين أيدينا كتاب عظيم وجليل وخطير.. وهو كتاب يقف بنا في مفترق الطرق، ويؤرخ لمرحلة جديدة وفريدة في كتابة وصناعة التاريخ... إن الكتاب الذي بين أيدينا هو صناعة للتاريخ وهو أيضاً كتابة له. ولقد صنع المؤلف الاتريخ عبر كلماته التي سعت وعملت من أجل إخراج الأستاذ محمود محمد طه من سجون التشويه والتحامل والتجاهل والتغييب عن الذاكرة الجمعية، والعزل عن ميدان البحث العلمي، والتضليل المنظم والمجمع عليه. مصادماً بذلك القديم وجحافل الأكاديميين المتقاعسين عن مسئولياتهم، والفقهاء الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على العقول، والسلفيين والطائفيين والمؤرخين المزورين،...عالج الكتاب مؤامرات الشؤون الدينية، والمعهد العلمي، والجامعة الإسلامية، والأزهر، ورابطة العالم الإسلامي، وجماعات الهوس الديني المحلية والإقليمية، والموقف من جمال عبد الناصر ودعوة القومية العربية، والخطابات التي أرسلت إليها (وبعضها كان مجهولاً حتى الآن) كما عالج الكتاب محكمة الردة الأولى (1986)، والثانية (1985) والتي أدت إلى منصة الإعدام التي منها تسنم الستاذ محمود محمد طه ذروة المجد والتاريخ المشرف النظيف محققاً فرديته التي انماز بها عن أفراد القطيع وافتتح بها عهد الإنسانية.إن هذا الكتاب ذو طبيعة موسوعية غطت ما أهمله المؤرخون، عمداً أو سهواً، وما أخفاه- أو تخطاه- الأكاديميون والباحثون جهلاً أو خوفاً أو حسداً، لقد خرج الأستاذ محمود محمد طه من خلوته، بمدينة رفاعة، عام 1951م، بمشروعه الجديد "الفهم الجديد للإسلام"، وظل يعيشه ويبشر به وينشره حتى دخل "الخلوة الكبرى" التي أعقبت تنفيذ الإعدام عام 1985. ويخرج الأستاذ محمود محمد طه من خلوته الثانية هذه بهذا السفر العظيم، الذي يجسد مواقفه الصامدة الخالدة وحياته الملهمة.إن هذا الكتاب كبير، حساً ومعنى، وخطير، حالاً ومآلاً، وخطورته تشفع لكبره... وقد جاء على قدر وميقات، ومن ثم؛ يرجى له أن يشعل ثورة فكرية تسهم في إحداث الثورة الثقافية التي تحدث عنها الأستاذ محمود محمد طه وبشر بها في كتابه: الثورة الثقافية، لقد نجح المؤلف- مستعيناً بكل هذه الأدوات- التنقيب في المصادر الأولية، وجمع وحشد الوثائق النادرة والملهمة مع استنطاقها، وإعادة النظر في الكثير من المسلمات، ومناطحة ومصادمة قوى القديم والتخلف- نجح في قرع الأجراس القدسية التي تشير بميلاد فجر يقظة الأمة السودانية، ومن ورائها- بإذن الله- الإنسانية جمعاء.عصام عبد الرحمن البوشي