لم يعد المشهد مروعاً كما كان في الماضي، ربما أماتت الحضارة القلوب وخدرت العقول، لأن حضارتنا اليوم حضارة جسدية، نعم نحن متحضرون بالجسد والتعري بإبراز جمال الجسد طبيعياً كان أم صناعياً، وربما الغربة والتغريب هما المسؤولان عن موات القلوب، ففي الماضي، عندما كان الأقارب يتباعدون ويسافرون ولو لأيام معدودة، كانوا يذرفون الدموع ويتعانقو...
قراءة الكل
لم يعد المشهد مروعاً كما كان في الماضي، ربما أماتت الحضارة القلوب وخدرت العقول، لأن حضارتنا اليوم حضارة جسدية، نعم نحن متحضرون بالجسد والتعري بإبراز جمال الجسد طبيعياً كان أم صناعياً، وربما الغربة والتغريب هما المسؤولان عن موات القلوب، ففي الماضي، عندما كان الأقارب يتباعدون ويسافرون ولو لأيام معدودة، كانوا يذرفون الدموع ويتعانقون ويتألمون للفراق، لكن مع كثرة السفر والترحال تعود الفؤاد، فما عاد يجزع لشيء.الدمار، الحرب، دخان يتصاعد من كل حدب وصوب وأرجل المشاة تتعرقل بالجثث بعد أن كانت تتعرقل بالأحجار، وداخل بيت صغير مليء بالقتلى، كان هناك رضيع يحبو لا زال على قيد الحياة، كان جائعاً يبحث عن صدر أمه، كان يحبو ويجتاز الجثث باحثاً عن أمه الملقاة على الأرض غارقة وسط دمائها ودماء أقاربها، وصل الرضيع لصدر أمه وبدأ يرضع لكنه لا يعلم أن أمه غادرته على الرغم عنها، أكمل رضعته وعاد إلى فراشه ضاحكاً ونام، لكن أين هو الآن؟ في أي جهة نشأ؟ وإلى جانب من يقاتل؟