تقع معظم أجزاء الوطن العربي في مناطق مناخية جافة وشبه جافة تقل فيها الأمطار وتمتد فيها اكبر رقعة صحراوية في العالم، وتتميز بارتفاع معدلات الفاقد من الأمطار عن طريق التبخر على مدار السنة، مما يقلل الاستفادة من المياه العائدة، ويؤثر سلبا على المياه الجوفية التي تتصف بضآلة التغذية السنوية حينا، وانعدامها أحياناً وزيادة تركيز الأملا...
قراءة الكل
تقع معظم أجزاء الوطن العربي في مناطق مناخية جافة وشبه جافة تقل فيها الأمطار وتمتد فيها اكبر رقعة صحراوية في العالم، وتتميز بارتفاع معدلات الفاقد من الأمطار عن طريق التبخر على مدار السنة، مما يقلل الاستفادة من المياه العائدة، ويؤثر سلبا على المياه الجوفية التي تتصف بضآلة التغذية السنوية حينا، وانعدامها أحياناً وزيادة تركيز الأملاح فيها. ويعاني الوطن العربي من ضغوط شديدة على موارده المائية المتاحة فهو يمثل نحو 10 % من مساحة العالم، و4 % من مجموع سكانه، ولكنه يحظى فقط بأقل من1.5 % من موارد العالم المائية المتجددة وهذه النسبة من اقل المعدلات في العالم.ومما يزيد الأمور صعوبة، أن أكثر من نصف الموارد المائية العربية تأتي من الخارج، وان استهلاك المياه في الدول العربية يزيد بمعدلات مرتفعة نتيجة التزايد المطرد في عدد السكان وما يرافقه من تغيرات اقتصادية واجتماعية، إضافة إلى الهدر في استخدام المياه والاستثمار الجائر للطبقات المائية الجوفية في كثير من الدول العربية، مما أدى إلى غور الينابيع، وهبوط منسوب المياه الجوفية، في بعض المناطق الساحلية وانسياب باطني من مياه البحر واختلاطها بمياه الخزانات الجوفية وزيادة الملوحة فيها. وعلى الرغم من قلة المياه العذبة المتاحة، وتضاعف الحاجة إلى الماء العذب عن ذي قبل، فإن هذا القليل من الماء العذب، لا يزال يكفي هذه الحاجات، لو أُحسِنَ استخدامه. وللأسف، فإن توزيع الماء العذب غير متساوٍ على سطح الكرة الأرضية. فهناك بعض المناطق فقيرة في مصادر المياه، وبعضها الآخر غنية بالمياه. والأمطار حين تسقط على الأرض، لا تسقط بالتساوي، فبعض المناطق صحراء جدباء، وبعضها تسقط عليه الأمطار أنهاراً وسيولاً.ويتوقع أن يزداد الوضع المائي العربي تأزما في السنين القادمة، نتيجة لتوقع زيادة الطلب على المياه بمعدلات عالية لمواكبة النمو السكاني السريع، مما سينعكس سلبا على حركة التنمية الاقتصادية و الاجتماعية، ما لم تتخذ الدول العربية خطوات فاعلة ومؤثرة على مختلف الأصعدة المؤسسية والاقتصادية والتشريعية، لوضع سياسات وبرامج للموارد المائية، تستهدف تخفيض استهلاكها، والفاقد منها، والحد من تبديدها، وتلوثها، وترشيد استخداماتها، وتوفير موارد مائية إضافية لضمان استمرارها لصالح الأجيال القادمة ،و عليه لا بد أن يحتل موضوع المياه مكان الصدارة في سلم أولويات البرامج الإنمائية العربية لمواجهة التحديات، وتحقيق الأمن المائي العربي. إن العوامل المؤثرة والمحركة للأزمة حول المصادر المائية بين الدول لم تتمحور حول جانب واحد كالجانب الاقتصادي أو السياسي بل تتداخل الجوانب مع بعضها بحيث أن الفصل بين محركات الأزمة يسبب أزمة لوحده وهذا عائد إلى تشابك المصالح الإقليمية والدولية وبروز مظاهر النظام العالمي الجديد. إن ضمان استمرارية تدفق المياه هو أحد الأهداف الحيوية والأساسية لأية دولة، وقد احتلت مسألة الأمن المائي خلال السنوات الأخيرة الماضية المكانة الأول ى في سلم الأولويات وأصبح الحديث عنها لا يقل عن أهمية الحديث عن الأمن العسكري ويكاد يزداد الأمر تعقيداً بالنسبة للشرق الأوسط وخاصة الجزء العربي منه الذي تشكل الصحراء فيه حوالي 43% من المساحة في حين لا تتجاوز نسبة الأراضي الصالحة للزراعة فيه الـ4،9% من إجمالي مساحته ويرى المحللون بان ندرة المياه في المنطقة هذه قد تؤدي إلى احتمال توتر الأوضاع ونشوب حروب إقليمية في المستقبل.تهتم الجغرافية السياسية بالمياه لندرتها على الخصوص ولما لها من أثار على الصراعات المحتملة في المناطق الجافة وشبة الجافة في العالم ولا تكاد تخلو النزاعات السياسية في المنطقة من بعد مائي يحركها ويؤثر فيها .ولا نستطيع أن نفصل بين الأهمية الجيوبوليتكية لكل من النفط والماء في منطقتنا العربية. وازدادت أهمية المياه أواخر القرن العشرين بسبب التقدم التكنولوجي، إذ أصبح للمياه استخدامات جديدة في توليد الطاقة والمشروعات الصناعية فضلاً عن استخدامها في الري الزراعة والشرب والاستخدامات المنزلية اليومية.وفي هذا السياق تهدف التنمية المستدامة للموارد المائية إلى مواجهة تحديات و متطلبات المياه من خلال ترشيد الاستخدام في الاستهلاك اليومي و في القطاعات الزراعية و الصناعية و غير ذلك. من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة لهذا الشأن مما تعكس صورا ايجابية على النواحي الاجتماعية والاقتصادية.واشتمل الكتاب على ستة فصول مرتبة كالتالي: الفصل الأول: العلاقات المكانية للوطن العربيالفصل الثاني: أهمية المياهالفصل الثالث: مصادر المياه في الوطن العربيالمبحث الأول : مصادر المياه في الوطن العربيالمبحث الثاني: الأنهار العابرة للحدود في الوطن العربيالفصل الرابع: الأمن المائي في الوطن العربيالمبحث الأول : واقع الأمن المائي العربيالمبحث الثاني: تحديات الأمن المائي العربيالفصل الخامس: إدارة الموارد المائية في الوطن العربيالمبحث الأول : التنمية المستدامة للموارد المائية المتاحةالمبحث الثاني :ترشيد استهلاك الموارد المائية المتاحة باستخدام التكنولوجيا وآثارها الاجتماعية والاقتصادية المبحث الثالث: إنتاج موارد مائية جديدةالمبحث الرابع: التعاون الدوليالفصل السادس: سيناريوهات لمعالجة أزمة المياهراجيا من المولى عز وجل أن أكون قد وفقت في تقديم مادة علمية مناسبة في هذا القطاع المائي الهام جدا، لأن الماء هي الحياة، متمنيا على القارئ العزيز أن يلتمس لي العذر في حال حدوث تقصير أو خلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ،،،