نبذة النيل والفرات:لو أن علم النفس بقي ذلك الفرع من الفلسفة المخصص "للنفس"، لكان تاريخه يبتدئ مع أوائل آثار الفكر الإنساني. إلا أنه لما يمضي بعدُ أكثر من حوالي مائة سنة على استشفاف إمكان وجود عِلْمَنَفسٍ (علم نفس) علمي يقدم، عن طريق الملاحظة والتجربة، بدرس ردود الفعل عند الكائنات العضوية الكاملة في مختلف ظروف البيئة المحيطة بها،...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:لو أن علم النفس بقي ذلك الفرع من الفلسفة المخصص "للنفس"، لكان تاريخه يبتدئ مع أوائل آثار الفكر الإنساني. إلا أنه لما يمضي بعدُ أكثر من حوالي مائة سنة على استشفاف إمكان وجود عِلْمَنَفسٍ (علم نفس) علمي يقدم، عن طريق الملاحظة والتجربة، بدرس ردود الفعل عند الكائنات العضوية الكاملة في مختلف ظروف البيئة المحيطة بها، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت مهمة عالم النفس العمل على إحداث تغيير، بشكل منتظم وممذهب.في هذه الظروف بغية إيضاح "القوانين" التي تتحكم في ردود فعل هذه الأجسام العضوية (إنسان أو حيوانات)، وفي الحالات التي لم تكن هذه التغييرات التجربية ممكنة التحقيق، لا سيما في حالات علم النفس الإنساني، كان العالمنفس يبذل جهده، وقدر المستطاع، في أن يستعمل الملاحظات التي يمكن استقاؤها ولن يهتم المؤلف في كتابه هذا تاريخ علم النفس سوى بمسألة هذه السيكولوجيا التي كانت قد وصفت بـ"الجديدة" في خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وهي تتميز عن السيكولوجيا الفلسفية لا بفرضها فقط بل وأيضاً بمنهجها الذي هو، في الجوهر، منهج بقية العلوم: إنه منهج يقوم على وضع الفرضيات وعلى الاختبار الذي يكون للوقائع المؤسسة أو المصاغة موضوعياً، أي بشكل يمكن أي مراقب من أن يتحقق منها عندما يكون ملماً باستعمال التقنيات التي استعملت لاستثبات تلك الوقائع.والمؤلف في هذا الكتاب يحاول من خلال هذه الدراسة التأريخ لعلم النفس، وقد جعلها ضمن فصول ستة تناول من خلالها المواضيع الآتية: علم النفس التجريبي، علم النفس الحيواني، علم النفس الفارضي، علم النفس المرضي والمنهج العيادي، علم نفس الطفل، علم النفس الاجتماعي. ويمكن القول بأن هذا الكتاب يعتبر من أجود الكتب التي تبحث في تاريخ علم النفس، والتي تتناول، تناولاً مؤالفاً وتركيباً، أشهر ميادين هذا العلم الإنساني الرحب الجنبات، والذي يعود به التاريخ، إذا أخذ من الوجهة العلمية الصرفة، إلى المائة سنة الأخيرة.ولا ريب في أن عراقيل من نوع ما ستنتصب في وجه القارئ في هذه النسخة المترجمة إلى العربية، يتجلى معظمها في التكثيف والعرض التوليفي للمعطيات، فالمؤلف روكلف إنما يقدم للمتخصص، للمطلع قبلاً على علم النفس بمدارسه وطرائقه وميادينه، أما العراقيل الناشئة عن الترجمة فهي غير ذات شأن إذ أن المترجم بذل قصارى جهده بغية تفاديها أو تلافي ما في الوسع بإضفاءه مسحة من السلاسة على التعابير الأعجمية المعقدة في أحايين عديدة.