كتب منيف الرزاز إلى أحد أصدقائه من منفاه "طريق الآلام مشاها المسيح من الجثمانية إلى الجلجلة مرة واحدة في حياته، ومشيتها أنا طيلة حياتي..." لعل هذه العبارة تلخص حياة منيف الرزاز تخليصاً عميقاً مكثفاً، فقد وزع حياته منذ انخراطه في درب النضال بين الزنازن والمنافي والإقامات الجبرية والتشرد. من هنا كانت هذه الالتفاتة إلى منيف الرزاز ...
قراءة الكل
كتب منيف الرزاز إلى أحد أصدقائه من منفاه "طريق الآلام مشاها المسيح من الجثمانية إلى الجلجلة مرة واحدة في حياته، ومشيتها أنا طيلة حياتي..." لعل هذه العبارة تلخص حياة منيف الرزاز تخليصاً عميقاً مكثفاً، فقد وزع حياته منذ انخراطه في درب النضال بين الزنازن والمنافي والإقامات الجبرية والتشرد. من هنا كانت هذه الالتفاتة إلى منيف الرزاز كمفكر وذلك من خلال نشر أعماله.ويتضح لمن يقرأ أعمال منيف الرزاز، والتي تضم كتبه الرئيسة، أن تطوراً ملحوظاً قد طرأ على منهجه في التحليل وفلسفته. لكن هذا التطور العميق والجذري لم يغير من فكرته الجوهرية: طبيعة الحركة القومية في العالم الثالث، القومية العربية وجوهرها.على ضوء ذلك يمكن القول بأن الرزاز وظف هذا التطور كله لخدمة فكره القومي التقدمي التحرري. هذا الفكر الذي آمن به طيلة حياته. وناضل في سبيله بلا كلل. وإذا كانت حياته لا تخلو من وهج الفجيعة، فإن مسألة الحرية ومشكلتها في البلدان المختلفة ظلت هاجسه الأكبر. حتى أنه أفرد لها كتاباً كاملاً نشره عام 1965 وإن كان قد وقف منه فيما بعد موقفاً شبيهاً من موقفه من كتاب معالم الحياة العربية الجديدة. قد يختلف القارئ مع منيف الرزاز، وبعد اطلاعه على أعماله في هذا المؤلف، من هذا الموقف أو ذاك، في هذه المسألة أو تلك... ولكنه لن يملك إلا الإقرار بأهمية دراسة أعماله دراسة شمولية تأخذ تطور فكره بعين الاعتبار. إذ شكلت أعماله في مجملها محطة هامة لا يمن تجاهلها في إطار سيرورة الفكر العربي القومي التقدمي.