هذا الكتاب دراسة في المجتمع ما بعد الصناعي، والجاسوسية ظاهرة قديمة قدم التاريخ الإنساني تطورت في كل مجتمع بشري يناسب ما لديه من وسائل لجمع المعلومات ونقلها وتحليلها، ويكاد القرن العشرين يكون أحفل الحقب في التاريخ بهذا النشاط الحيوي المثير، وقد كان المناخ السياسي العالمي الذي دأب على الانتقال من توتر إلى توتر سببًا من أسباب تضخم ...
قراءة الكل
هذا الكتاب دراسة في المجتمع ما بعد الصناعي، والجاسوسية ظاهرة قديمة قدم التاريخ الإنساني تطورت في كل مجتمع بشري يناسب ما لديه من وسائل لجمع المعلومات ونقلها وتحليلها، ويكاد القرن العشرين يكون أحفل الحقب في التاريخ بهذا النشاط الحيوي المثير، وقد كان المناخ السياسي العالمي الذي دأب على الانتقال من توتر إلى توتر سببًا من أسباب تضخم الظاهرة، وبالتالي تضخم الأجهزة التيتقوم بها، وازدياد نفوذها، وثمة عوامل عديدة تزيد أهمية هذا النشاط التجسسي في مقدمتها ما يشهده العالم من تقدم تقني هائل أصبح العنصر الحاسم في الصراعات، وهو التقدم الذي وفر وسائل لجمع المعلومات وتحليلها، أكثر دقة، وأصغر حجمًا، وأوسع مدى.إلى غير ذلك من الصفات التي جعلت هذه الظاهرة تدخل عهدًا جديدًا تسوده مفاهيم تختلف عن المفاهيم التي ارتبطت بالدولة القومية، ويشمل التغير مفهوم القوة كطريق لتحقيق الأمن وصعود قيمة الاقتصاد بين عوامل القوة لينافس على الموقع الأول، بعد أن اعتمدت القوة فيما مضى على القوة البشرية ثم القوة العسكرية، ولما كانت الجاسوسية توأم الصراع فإنها بتطور أشكاله تتطور، وقد ارتبط الاقتصاد بالحرب من قديم الزمان، ومع ازدياد أهمية التقنية على حساب المواد الخام أصبح التجسس يستهدف الحصول على أسرار الآخرين في هذا المجال، وأصبح الاختراق الأخطر هو ما يستهدف معامل البحث والتطوير العلمي والمصانع بعد أن تخلت قصور الحكم والمواقع السكرية عن هذا الموقع المتقدم.