لا ريب أن مسألة المسائل في تأصيل الحوار المسيحي الإسلامي التحرّي الموضوعي الرصين الهائد عن هوية الحوار الديني وطبيعتها ومعانيه وسماته ومميزاته وأصوله واسبابه وغاياته ومفاعيله ومعضلاته وتحدّياته. ويجمع علماء اللاهوت في المسيحية على أن مثل هذا التحري هو المدخل الأمين إلى لاهوت الحوار. ولذلك انعقد القسم الأول من هذا الكتاب على معال...
قراءة الكل
لا ريب أن مسألة المسائل في تأصيل الحوار المسيحي الإسلامي التحرّي الموضوعي الرصين الهائد عن هوية الحوار الديني وطبيعتها ومعانيه وسماته ومميزاته وأصوله واسبابه وغاياته ومفاعيله ومعضلاته وتحدّياته. ويجمع علماء اللاهوت في المسيحية على أن مثل هذا التحري هو المدخل الأمين إلى لاهوت الحوار. ولذلك انعقد القسم الأول من هذا الكتاب على معالجة هذه المسألة. بيد أن المعالجة اللاهوتية اقتصرت في هذا القسم على استحضار الأقوال التي ساقها المجتمع الفاتيكاني الثاني (1962-1965) في قضية الحوار بين الأديان، وهي الأقوال التي غدت الكنيسة الكاثوليكية المعضارة أشبه بنبراس الهداية وفُرقان المييز في تصوّر معاني التعددية الدينية الكونية وفي صناعة الفكر اللاهوتي الحواري الخليق بتدبّر هذه المعاني. وطالما أن قارئ التلاقي المسيحي الإسلامي ما فتئ فيه منذ الزمن الأول إلى اليوم الحاضر الكثير من اختبارات التفاهم والتصادم وتجارب التسالم والتجارب، يرمي القسم الثاني من الكتاب إلى تعميق النظر اللاهوتي التأصيلي الذي يقتضي استجماع خلاصات هذا التاريخ المسيحي الإسلامي المشترك الطويل، واستيضاع العوامل الدينية وغير الدينية التي أثرت فيه تأثيراً بيناً، واستوطن المرافق التي وقفها المسيحيوهن والمسلمون بعضهم من البعض الآخر. وتجاوزاً لعثرات الماضي وتجنباً لمحن التشويه، ينطوي هذا القسم على استجلاء نظري للمبادئ التي ينبغي أن يعتمدها المسيحيون والمسلمون حين يعمدون إلى مقارنة العمارة الدينية المسيحية بالعمارة الدينية الإسلامية.وسعياً لاستطلاع هيئة الإطار المعرفي اللاهوتي الجديد الذي ترسمه الكنيسة الكاثوليكية في مقاربة الدين الإسلامي، يستعرض القسم الثالث ما أجمع علماء اللاهوت على تسميته بلاهوت الأديان غير المسيحية، فيستكشف في هذا العلم اللاهتي المعاصر قرائنه الفكرية والتاريخية، ويُبرز منه هوية مسعاه وطبيعة نشاطه ويترصد له القضايا الكبرى التي يُعنى بمعالجتها. وباستخراج المبادئ الأساسية التي عليها تبني الكنيسة الكاثوليكية مقارباتها اللاهوتية للأديان المسيحية، يتطرّق هذا القسم إلى الأثر المعرفي البين الذي ينشئه في الوعي المسيحي اللاهوتي إدراك التعددية الدينية في سياق تدبير الخلاص الأشمل، وترسيخاً لمثل هذا التصور اللاهوتي الكاثوليكي للدين الإسلامي يحلّل القسم الرابع من كتاب عناصر الإسهام اللاهوتي الذي أتى به المجمع الفاتيكاني الثاني حين أفرد للدين الإسلامي موقعاً مميزاً في تصميم التدبير الخلاصي الأشمل. وفي نطاق تعيين الموقع اللاهوتي الذي ينسبه الفكر اللاهوتي الكاثوليكي إلى الدين الإسلامي، يعالج القسم الخامس والأخير من الكتاب مسألة الوساطة الخلاصية التي يُعلن الدين الإسلامي أنه يحلمها إلى جميع المؤمنين المسلمين وإلى أهل الأرض كافة.