يقول افرايم هالفي المدير السابق للموساد ضمن هذه المذكرات كاشفاً عن خفايا وكواليس هذا الجهاز بالإرتباط مع الأحداث ومن وجهة نظره ومحللاً يقول: "كانت السنتان 1988 و1989 مثقلتين بالأحداث الدراماتيكية في كل من الشرق الأوسط وباقي أنحاء العالم. فقد توقفت الحرب العراقية الإيرانية بعد أن خلفت مئات الآلاف من القتلى في ميادين المعارك. وصدّ...
قراءة الكل
يقول افرايم هالفي المدير السابق للموساد ضمن هذه المذكرات كاشفاً عن خفايا وكواليس هذا الجهاز بالإرتباط مع الأحداث ومن وجهة نظره ومحللاً يقول: "كانت السنتان 1988 و1989 مثقلتين بالأحداث الدراماتيكية في كل من الشرق الأوسط وباقي أنحاء العالم. فقد توقفت الحرب العراقية الإيرانية بعد أن خلفت مئات الآلاف من القتلى في ميادين المعارك. وصدّت بغداد المحاولات الإيرانية لإلحاق الهزيمة بنظام صدام حسين بفضل المبالغ المالية الطائلة التي تبرع بها العالم العربي، والدعم الإستخباراتي الجوهري من جانب الولايات المتحدة. خرج صدام من الحرب كبطل حقيقي، على اعتبار أنه وقف في وجه القيادة المتشددة في طهران، وبالتالي خدم كحاجز لم ينقذ الدول العربية وحسب، بل والمجتمع الغربي من انتشار الثورة الإيرانية. حظي صدام بشعبية غير مسبوقة في المنطقة بأكملها. فقد جسّد مسألة العالم العربي واعتزازه، وبثّ الرعب في نفوس القادة الآخرين مثل الملك حسين والرئيس حسين مبارك اللذين كانا يحترمانه ويهابانه في نفس الوقت، من الناحيتين المادية والعسكرية.." ومتابعأً يقول: "راقبت إسرائيل هذا المشهد بقلق متنامٍ، عملت على تهدئته جرعة كبيرة من التفكير الحالم. ومنذ أن تمكن آية الله الخميني من خلع شاه إيران في العام 1979 وإنشاء نظام ديني راديكالي في طهران، وإسرائيل تتابع الأحداث التي تلت في البلاد بتركيز بالغ. كانت إيران حليفاً استراتيجياً لإسرائيل لقرابة العقدين، وكانت الدولتان، الى جانب تركيا قادرتبن على ايجاد وزن مكافئ فعال للعالم العربي. غير أن هذا الحلف تداعى في العام 1978. ومع تواصل الحرب العراقية الإيرانية، كانت إسرائيل المستفيد الأكبر من اهراق الدم المتواصل بين عدوّيها المحتملين. وبالتالي، عوضت الحرب طوال عشر سنين تقريباً خسارة إسرائيل كدولة حليفة، ولكن الحرب توقفت الآن، وبرز نقاش في إسرائيل حول ما إذا كان ينبغي أن تسعى إلى التحالف مع العراق، أو تفضل استئناف علاقاتها مع إيران. في الحقيقة، لم يكن لأي من هذين الخيارين وجود. فالعراق تتملكه رغبة عارمة للأخذ بالثأر من إسرائيل لأنها دمرت مفاعله النووي. أوزيراك، الذي ابتاعه من فرنسا في السبعينات أيام حكومة شيراك، الصديق والمعجب بصدام حسين. وأعلنت إيران في ظل الخميني، بحزم بأنه ليس لإسرائيل حق في الوجود، وأظهرت نواياها الشريرة عبر امتلاك امكانات إرهابية سرية، عملت بفعالية قاتلة في الثمانينات في لبنان، وقدّر لها أن تنشط على الصعيد العالمي منذ مطلع التسعينات.. وبالنظر من القدس باتجاه الشرق، كانت الأخطار المحدقة تبدو واضحة في الأفق، وضغط الأردن تحت حكم الملك حسين، الذي حافظ على اتصالات سريةة مع القادة الإسرائيليين المتعاقبين منذ مطلع السبعينات، من أجل المحافظة على التوازن بين روابطه التقليدية بإسرائيل وصلاته ومخاوفه المتنامية من صدام حسين.." ثم يمضي متحدثاً عن مخاوف إسرائيل وتفاؤلها الحذر اتجاه معاهدة السلام بسبب تلك الجهات أو الدول التي شكلت مفارق في السياسة الأمريكية والإسرائيلية وصولاً الى أحداث أيلول إذ يقول: "جيم انفلتون (الذي يصفه بالرئيس الأسطوري للإستخبارات الإسرائيلية) والملك حسين، وياسر عرفات، والكيه جي بي، ووكالة الإستخبارات المركزية، والطبقة السياسية الإسرائيلية، وقادة الولايات المتحدة، والدول الأوروبية، وقادة بلدان الشرق الأوسط: هذه ليست سوى بضعة خيوط تشابكت مع بعضها على مر العقود القليلة الماضية في ذلك اليوم الشنيع. بالطبع، كان يوجد الكثير غيرها في ذلك اليوم، وتساءلت عن دور السياسة، والأفراد، وأجهزة الدولة، في صياغة مصير القرن الحادي والعشرين الذي نعيش فيه." ويمكن القول بأن افرايم هالفي ومن خلال هذا الكتاب يتحدث بإسهاب عن ثلاث عشرة سنة متواصلة تبدأ بالعام 1990 وتنتهي بالعام 2003 والتي غيرت وجه العالم، ورمته في عصر جديد ومرعب، كما أنه تناول الأحداث التي تلت يوم الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، باحثاً في الوضع الدولي الحالي، بما في ذلك التغييرات التي حصلت في العام 2005 في لندن ومضامينها بالنسبة الى هذه الفترة.وتجدر الإشارة الى أن افرايم هالفي هذا كان مديراً سابقاً للموساد التي خدم فيها قرابة أربعين عاماً، التقى خلالها برؤساء دول، وعملاء أجهزة استخباراتية، وأشخاص من أصحاب النفوذ، وفي نفس الوقت، شارك في عدد لا يحصى من العمليات الكبيرة والصغيرة، طوال هذه السنين. وقد حاول في كتابه كما يقول عرض وجهة نظر مسؤول في الإستخبارات عمل مرة في السلك الدبلوماسي، وانتقل من ثم الى عالم الظل وعمل فيه قرابة أربعين عاماً. كان بالنسبة له كل شيء يبدو مختلفاً من الداخل، وباستطاعة القارئ تبين الحقيقة ومعرفة الفرق بين عالم الظل وعالم النور وبين عالم الخيال وعالم الحقيقة.