كانت نهاية القرن السادس للميلاد فترة أزمة خطيرة في تاريخ العرب، فقد سادهم التمزق وعمتهم الفوضى، واشتد التناقض الاجتماعي في المدن، وغلبت البداوة على الحاضرة، وباتت بلادهم هدف أطماع الساسانيين في الشرق وبيزنطة في الغرب وساحة صراع للقوتين أدى إلى زوال كياناتهم في العراق والشام واليمن. وبدت في الجزيرة بوادر وعي، وظهرت في مجتمعاتهم ...
قراءة الكل
كانت نهاية القرن السادس للميلاد فترة أزمة خطيرة في تاريخ العرب، فقد سادهم التمزق وعمتهم الفوضى، واشتد التناقض الاجتماعي في المدن، وغلبت البداوة على الحاضرة، وباتت بلادهم هدف أطماع الساسانيين في الشرق وبيزنطة في الغرب وساحة صراع للقوتين أدى إلى زوال كياناتهم في العراق والشام واليمن. وبدت في الجزيرة بوادر وعي، وظهرت في مجتمعاتهم وأسواقهم الأدبية انعكاسات تتلمس حياة جديدة، وتشير إلى ظهور لغة أدبية مشتركة. وفي وسط الأخطار المحدقة والفوضى بزغ فجر الدعوة الاسلامية في مكة ليحدث تغيرا شاملا في حياة العرب. انطلق العرب بالاسلام، إذ تهيأت لهم وحدة العقيدة، ووحدة القيادة، ووحدة الأهداف، وتدافعت راياتهم لتحرير الجزيرة من التبعية والفوضى ولتشدها إلى كيان سياسي واحد، فلما تم ذلك بانتهاء الردة، انطلقت جموعهم إلى خارج الجزيرة في حركة فتوح لم تقف إلا في أواسط آسيا شرقا وجبال البيرنة غربا.