قانون العدل والإنصاف للقضاء على مشكلات الأوقاف

هذا هو العمل الثاني ضمن سلسلة تقنين أحكام الفقه الإسلامي. وتهدف هذه السلسلة في مجموعها إلى تأكيد قابلية الفقه الإسلامي لتحديث صياغته بما يضمن فاعليته في التطبيق العملي في الظروف الاجتماعية الحديثة . ويكتسب هذا العمل أهميته من حيث المضمون بتعلقه بموضوع شديد الحيوية في الفقه الإسلامي ، وهو موضوع الوقف الذي استرد اعتباره بعد الهجمة الشرسة التي قادها عدد من المستشرقين بعد منتصف القرن التاسع عشر للتمكين للاستعمار الغربي من تيسير استيلائه على أراضي الأوقاف التي كانت مطمعًا لاستثمارات هذا الاستعمار ، والتي حال نظام الوقف من الناحية القانونية والتشريعية دون وقوع هذه الأراضي - التي بلغت أكـثـر من ثلث جملة أراضي بعض الدول الإسلامية - في يد هؤلاء المستثمرين المستعمرين . ومن عجب أن ينساق كثير من القانونيين والاقتصاديين المسلمين لترديد ذات المواقف والحجج التي روَّجت لها السلطات الاستعمارية في الهجوم على نظام الوقف ، غافلين عن الأهداف السياسية الحقيقية لهذا الهجوم . ولا يمكن فصل جهد قدري باشا في تقنين أحكام الوقف عن الظروف التي صار فيها الوقف أرض معركة بين قوى الاستعمار ومناوئيه من دعاة التحرير . ولهذا فإن لعمله الذي نقدمه أهميته التاريخية ، فضلاً عن أهميته التشريعية . لقد مثـَّل نظام الوقف على الدوام ، وليس في عصر قدري باشا وحده ، مرآة انعكست فيها العلاقات السياسية والاقتصادية داخل المجتمعات الإسلامية . وهذا العمل الذي نقدمه لهذا كله وثيقة بالغة الأهمية ، يجدر الالتفات إليها في هذا الإطار.