كنت أرسم بقلمي الصغير حدود الدنيا بين ضفاف مدينتي، قدر لها أن يحصرها النيل بهدوئه، والبحر بأمواجه، أنظر ناحية البحر فأتعثر بنهاية العالم، أستدير ناحية النيل فيواجهني بمنتهى الجمال، بنيت معتقداتي الصغيرة أن مدينتنا هي الأرض الشاسعة، وما دون ذلك من أمكنة جزر عالقة بمياه البحر الممتدة، أغمض عيني، أنان كما النيل فى أحضان البحر، واصب...
قراءة الكل
كنت أرسم بقلمي الصغير حدود الدنيا بين ضفاف مدينتي، قدر لها أن يحصرها النيل بهدوئه، والبحر بأمواجه، أنظر ناحية البحر فأتعثر بنهاية العالم، أستدير ناحية النيل فيواجهني بمنتهى الجمال، بنيت معتقداتي الصغيرة أن مدينتنا هي الأرض الشاسعة، وما دون ذلك من أمكنة جزر عالقة بمياه البحر الممتدة، أغمض عيني، أنان كما النيل فى أحضان البحر، واصبح على الدقات المتتالية التى تنظمها جواكيش النجارين بورشهم الصغيرة، فأردد معهم تلك الكلمات الصباحية الدافئة (يافتاح يا عليم.. يا رزاق يا كريم.. اصبحنا، وأصبح الملك الله)، أشم رائحة الخشب المطحون فأنتشس، أتلذذ بها ثم أستعيد معها أيام إجازتي الصيفية، حيث إلحاقي بإحدى ورش النجارة للعمل، وذلك ما تجري عليه العادة. يمدينتي العاشقة "دمياط" بل كان تعلم الحياة هو الغاية من هذه العادة، كل شئ فى الورشة كان له في ذاكرتي مدلوله الخاص.