بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب

يقول مصنف هذا الكتبا في مقدمته: "لا يخفى على من عرف أحوال الأمم، ووقف على م كان عليه أجيال بني آدم، أن أمة العرب على اختلافها، وتفاوت أصولها وأصنافها، كانت ممتازة على غيرها من الناس، متقدمة في الفضائل والمآثر على سائر الأنواع والأجناس..." إلى أن يقول: "...وإني لم أزل أتشوق للوقوف على آثارهم، والإطلاع على شريف سيرهم وأخبارهم، وأتمنى أن أظفر بكتاب يشتمل على أحوالهم قبل الإسلام، ويحتوي على ما كانوا عليه في جاهليتهم من العوائد والأحكام، فلم أرد ذلك فيما بين الأيدي من الكتب والمجامع، ولا أنه قد طرق باب سمع من المسامع، مع أن المتقدمين، من علماء المسلمين، لم يهملوا مثل هذا المهم، ولم يتركوا قولاً لقائل في كل علم. وهم الذين امتد باعهم في جميع الفنون، وحسنت منا بهم الظنون، غير أن مرور الأعصر والأعوام، أدى بآثارهم إلى الضياع، وأودى بها في سائر البقاع، وكان كثيراً ما يختلج في القلب، ويخطر بالبال، أن أتطفل بجمع كتاب يستوعب أحوالهم على سبيل الإجمال، غير أن قلة البضاعة تصدني عن الإقدام، وتثبطني عن طرق باب هذا المرام، حتى اتفق بعض الدواعي التي لم أر للتخلف عنها سبيلاً، ولم أجد للإعراض عن هذا الغرض مقيلاً، فشرعت في المقصود، وبذلت فيه غاية المجهود لما يترتب على ذلك من المصالح العمومية، وما يستنتجه إن شاء الله تعالى من الفوائد الكلية، وقد التزمت طريق الاختصار، وتجنبت عن التطويل والإكثار، ومع ذلك فإني معترف بالقصور والنقصان، وإني لست من فرسان هذا الميدان، ولله تعالى در الأقدار، فإنها تسوق المرء إلى ما ليس له فيه اختيار.وقد سميت ما جمعته وكتبته في هذا الباب وحررته: بلوغ الأرب، في معرفة أحوال العرب.