المراد باللسانين - اللسان والقلم، فإن العرب تقول : القلم أحد اللسانين. والمقصود هنا إصلاح الأخطاء التي تفاقم أمرُها في هذا الزمان حتى أصبحت مألوفة عند أكثر الخاصة بَلْهَ العوام، فشوهت وجه اللسان العربي المبين، وَرَنَقَتْ صَفْوَ زُلالِهِ المُعِين، مما يسوء كلَّ طالب علم، يحرص على حفظ لغة القرآن، وصيانتها من الإفساد والتشويه، والع...
قراءة الكل
المراد باللسانين - اللسان والقلم، فإن العرب تقول : القلم أحد اللسانين. والمقصود هنا إصلاح الأخطاء التي تفاقم أمرُها في هذا الزمان حتى أصبحت مألوفة عند أكثر الخاصة بَلْهَ العوام، فشوهت وجه اللسان العربي المبين، وَرَنَقَتْ صَفْوَ زُلالِهِ المُعِين، مما يسوء كلَّ طالب علم، يحرص على حفظ لغة القرآن، وصيانتها من الإفساد والتشويه، والعبارات الجافية التي تُشِين جمالها، وتذهب ببهائها.ولم يزل علماءُ اللغة معتنين بهذا الموضوع، باذلين جهدهم في تنظيف الإنشاء العربي من الألفاظ الدخيلة، والتعابير الثقيلة. وقد ألف في ذلك الإمام أبو محمد القاسم بن علي الحريري كتابا نفيسا سمّاه : (درة الغواص في أوهام الخواص) وهو مطبوع متداول. وألف الشهاب الخفاجي كتاب (شفاء العليل في العامي والمولّد والدخيل). وألف الشيخ إبراهيم اليازجي الناقد البصير كتابا سمّاه : (لغة الجرائد). وألف الأديب أسعد داغر في ذلك كتابا سمّاه (تذكرة الكاتب).وقد بدا لي أن أكتب مقالات في هذا الموضوع، أداء لواجب لغة الضاد، وصوناً لجمالها من الفساد، راجياً أن ينفع الله بما أكتبه تلامذتي في الشرق والمغرب وفي أوربا، وأنا على يقين أنهم يتلقون ما أكتبه بشوقٍ وارتياح. وكذلك رفقائي الكتّاب المحافظون سيستحسنون ذلك. أما الكتاب الذين يكرهون التحقيق وَيُرْخون العنانَ لأقلامهم بدون تبصر ولا تمييز، بيم غثٍّ وسمينٍ، وكدر ومَعين، فإنهم سيستثقلون هذا الانتقاد، وقد يعدونه تكلفاً وتنطعاً، وتقييداً للحرية - بزعمهم - فلهؤلاء أقول : إني لم أكتب لكم، فما عليكم إلاّ أن تمروا على ما أكتب مرور الكرام، وتدعوه لغيركم الذين يقدرونه حق قدره. وهذا أوان الشروع في المقصود، وبالله أستعين، فهو نعم الناصر ونعم المُعين.