رحلة الخلافة العباسية.. وكلمة "الخلافة" دليل على أن هذا الكتاب يناقش التاريخ السياسي، أي تاريخ الملوك والقصور والسياسات والمعارك، دون التاريخ الاقتصادي والثقافي والاجتماعي وما إلى ذلك.. وإن لم يمنع هذا من شذرات من كل هذا كلما كانت الحاجة قائمة.والتاريخ السياسي هو الأسوأ بالنسبة إلى التواريخ، ذلك أنه تاريخ للصراعات والاضطرابات وا...
قراءة الكل
رحلة الخلافة العباسية.. وكلمة "الخلافة" دليل على أن هذا الكتاب يناقش التاريخ السياسي، أي تاريخ الملوك والقصور والسياسات والمعارك، دون التاريخ الاقتصادي والثقافي والاجتماعي وما إلى ذلك.. وإن لم يمنع هذا من شذرات من كل هذا كلما كانت الحاجة قائمة.والتاريخ السياسي هو الأسوأ بالنسبة إلى التواريخ، ذلك أنه تاريخ للصراعات والاضطرابات والثورات، وهو الأسوأ لما يظهر فيه من طبيعة الملك وطبيعة النفس البشرية.. فهو تاريخ يغض الطرف عن البناء والعمران والتقدم والتطور، وينحسر في أروقة القصور وساحات المعارك ومناطق النفوذ.. ولذا فالتاريخ السياسي لا يمثل الوجه الحقيقي الدقيق حتى للسلطان! فكثيرًا ما يبدو السلطان شخصية أخرى لدى قراءة سيرته في كتب التراجم والطبقات والرجال، وسنرى في هذا الكتاب كثيرًا من هذه النماذج التي لا يبدو الجانب الإنساني للسلطان فيها لدى مطالعة التاريخ السياسي.بينما التاريخ الحضاري دائمًا مشرق يتحدث عن الإنجازات والابتكارات والتقدم العلمي، عن العلماء والمكتبات وساحات التعليم والتدريس، عن النهضة والرخاء الاقتصادي، عن الموارد الكبيرة وعن ثراء الشعوب وسيولة الحركة التجارية..إذا أردت أن تحب أي أمة من الأمم فطالع تاريخها الحضاري، وإذا أردت أن تكرهها فطالع تاريخها السياسي.. وقد كانت النية في بداية الشروع في هذا الكتاب أن يكون تاريخًا سياسيًا وحضاريًا للدولة العباسية إلا أن غزارة المادة وتنوعها جعلت الأمر مستحيلًا. ومع فراغ المكتبة الإسلامية من دراسة لا هي مغرقة في الأخلاقية ولا هي بالتبريرية فقد عزمنا مستعينين بالله على الكتابة في هذا الموضوع، وقسمنا العمل فيما بيننا، فأخذ أحدنا (محمد إلهامي) الفترة العباسية منذ إنشاء الدعوة العباسية وحتى نهاية العصر البويهي (100- 451هـ) فيما أخذ الآخر (محمد شعبان) الفترة التالية منذ دخول السلاجقة إلى بغداد وحتى سقوطها أمام الزحف المغولي (451- 656هـ)، فخرج الكتاب في ثلاثة مجلدات على هذا النحو: العباسيون الأقوياء: رحلة العباسيين منذ بداية الثورة حتى نهاية عصرهم الذهبي، العباسيون الضعفاء: الخلافة العباسية تحت السيطرة العسكرية والبويهية، آخر أيام العباسيين: الخلافة العباسية منذ سيطرة السلاجقة حتى سقوط بغداد.