عشائر الشام

موضوع البادية وما فيها من الأوصاف والأحوال وما للأعراب، أو (البدو) من الأخبار والأقوال. كل ذلك من الموضوعات التي اهتم بها أدباء العربية فيما مضى كثيراً وشدوا الرحال إلى مواطنها ومصادرها، وأطالوا البحث والكتابة عنها.و قد جرى رواد الإفرنج ومستشرقوهم في عهدنا على مثالهم، لكن هؤلاء بدوا أولئك الأدباء في النواحي الطبغرافية والأثرية والاجتماعية والاتنوغرافية وغيرها، مما أوجدته مكتشفات العلوم الحديثة في العصور الخيرة، واقتضته غاياتها الاقتصادية والاستعمارية. أما أدباء العربية المعاصرون فقد قصّروا في ذلك وأهملوا كما أهملوا كثيراً مما يتعلق بجغرافية بلادهم وتاريخها ووصف خططها وآثارها وعمرانها، ومزايا سكانها وعاداتهم وأخبارهم في زمننا. ومنها موضوع (البادية) و(العشائر).هذا الإهمال هو الذي حثّ الباحث "أحمد وصفي زكريا" إلى وضع هذا الكتاب الذي هو أشبه بموسوعة، مخصصاً إياه للحديث عن عادات وتقاليد واسماء وفرق وحروب عشائر بلاد الشام الشمالية، أو ما يعرف اليوم بسورية. مقسماً كتابه إلى قسمين: ذكر في القسم الأول مقدمات وجيزة عن البادية وجغرافيتها وجوها ومائها وسهولها وجبالها ونباتها وحيوانها ونعيمها وشقائها وآثارها وعمرانها الغابر والحاضر، ثم عن تاريخ البدو القديم والحديث وهجراتهم وأفاعيلهم في الماضي والحاضر وما قاله مادحوهم وقادحوهم ثم عن عادات البدو في المعيشة والغزو والملبس المسكن واللهو والزواج والأعراس والضيافة، ثم عن التشريع البدوي، وكيفية التقاضي والمرافعة وأصول الصلح بين الأفراد والعشائر ثم قفى على آثار ذلك في القسم الثاني: بتعداد العشائر وتعريف أنسابها وأحسابها ومنازلها وفرقها وأخبارها الماضية وأحوالها الحاضرة، كل ذلك حسب المناطق الجغرافية التي لكل منها من جنوبي حوران إلى أقصى شمالي الجزيرة الفراتية. وتطرق المؤلف في سياق بحثه إلى ذكر التركمان والكرد والشركس أيضاً، المتوطنين في بعض المحافظات والأقضية لما لهم من الصفة والمعيشة العشائرية.