يمكن القول ومنذ بداية القرن العشرين، إن «الحجر» قد رفع عن السيكلوجيا عملياً، وبكيفية محسوسة، بل إن هذا المجال المعرفي، الذي طالما حوصر وهوجم باعتباره بدون موضوع، أصبح ملاذ الإنسانية في مشاكلها المستمرة والطارئة، على مستوى الأفراد والجماعات.ولم تكن السيكلوجيا سلبية في الاستجابة إلى احتياج الإنسانية إليها، وخاصة في أجواء الحروب ال...
قراءة الكل
يمكن القول ومنذ بداية القرن العشرين، إن «الحجر» قد رفع عن السيكلوجيا عملياً، وبكيفية محسوسة، بل إن هذا المجال المعرفي، الذي طالما حوصر وهوجم باعتباره بدون موضوع، أصبح ملاذ الإنسانية في مشاكلها المستمرة والطارئة، على مستوى الأفراد والجماعات.ولم تكن السيكلوجيا سلبية في الاستجابة إلى احتياج الإنسانية إليها، وخاصة في أجواء الحروب الساخنة والباردة، وألوان الصراع العقدي والسياسي والاقتصادي. وتيارات التحرر الفكري والاجتماعي على كافة المستويات، فانفتحت لموضوعات الاندماج الاجتماعي، وسيكلوجيا الأقليات المسحوقة والمهمشة، ودخلت المصانع والثكنات والمتاجر، وأقامت الجسور مع العلوم الإنسانية، والتجريبية القريبة والمساعدة، من سوسيولوجيا وأنتروبولوجيا وبيولوجيا.. مما أتاح للسيكلوجيا أن تؤهل لتطبع عصرها، (وخاصة منذ الحرب العالمية الثانية)، بما يعتبر ثمرة لجهود السكلوجيين منذ بداية القرن، والتي تبلورت خاصة في تعميق النقد، وتجديد المناهج وابتكار التقنيات.وليس من الصدفة أن ينال موضوع الطفولة مركز الصدارة في اهتمامات العلما، فابتدأت به أولى محاولات السيكلوجيا نحو الضبط العلمي مع ألفريد بنيه A. Bient، ولم تتوقف منذ ذلك الحين عند حد.ومع ذلك، ورغم كثرة ما أنجز من أبحاث ودراسات في مجال الطفولة، فإن ثم موضوعات ظلت إلى حد كبير، ملفوفة بالالتباس والغموض، تثير من التردد، أكثر مما تثير من حافزية، للكشف عن غوامضها وتجلية عناصرها وعلاقاتها.ويعتبر موضوع المخاوف عند الأطفال، من هذه الموضوعات التي لم تعالج إلا لـماماً، وبكيفيات عابرة، محدودة بالنسبة للتوجهات العامة للبحوث النفسية الاجتماعية في موضوعات أخرى، من حيث الكيف والكم.وعلى العكس من ذلك، فإن موضوعات القدرات العقلية والذكاء بصفة خاصة، تعمقت وتوسعت على نطاق واسع، وبمسايرة تامة لآخر المستجدات في المجالات الإديولوجية والمعرفية، في العلوم الإنسانة والتجريبية على السواء.لا نريد أن نقف لنفسر أو نشرح أسباب مثل هذه الظاهرة، ولكننا ننطلق مباشرة لنتساءل هل من الممكن إنجاز بحث شامل حول مخاوف الأطفال، يتيح الكشف عن أكبر ما يمكن من أبعادها عمقيا وأفقيا ؟ ولم لا ؟.الصعوبات لا حصر لها في موضوع كهذا، تنتسب إلى الحياة الانفعالية للطفل المغربي، وإلى أكثر ما فيها تعقيداً وتغيراً، في ظرف علمي يحاول البحث السيكلوجي بالمغرب، أن يرسم معالم طريقه، وفي ظرف اجتماعي يتميز بالتحول العميق.