المسؤولية بشكل عام هي واجب تحمل الأضرار التي سببها الشخص للغير بفعله، وهذا الواجب قد يأتي في صورة مخالفة قاعدة قانونية، فتكون المسؤولية قانونية، وقد تأتي في صورة مخالفة قاعدة دينية أو خلقية أو سياسية، فتكون المسؤولية على التوالي دينية أو خلقية أو سياسية. والمسؤولية القانونية؛ إما أن تكون مخالفة لقواعد القانون الدولي العام، فتكون...
قراءة الكل
المسؤولية بشكل عام هي واجب تحمل الأضرار التي سببها الشخص للغير بفعله، وهذا الواجب قد يأتي في صورة مخالفة قاعدة قانونية، فتكون المسؤولية قانونية، وقد تأتي في صورة مخالفة قاعدة دينية أو خلقية أو سياسية، فتكون المسؤولية على التوالي دينية أو خلقية أو سياسية. والمسؤولية القانونية؛ إما أن تكون مخالفة لقواعد القانون الدولي العام، فتكون مسؤولية دولية، وقد تأتي مخالفة لقاعدة دستورية، فتكون مسؤولية دستورية، وإذا كانت مخالفة لقاعدة جنائية، كانت مسؤولية جنائية، وأخيراً فإنها تكون مسؤولية مدنية، إذا جاءت مخالفة لإحدى قواعد القانون المدني. والمسؤولية المدنية؛ إما أن تأتي نتيجة إخلال بالتزام عقدي، فتكون مسؤولية عقدية، وهي تفترض وجود عقد والتزام تم الإخلال به، ومسؤولية تقصيرية، وهي النوع الثاني للمسؤولية المدنية، وهي تأتي نتيجة مخالفة قاعدة سلوك تؤدي إلى الإضرار بالغير. ولئن حظي العقد بأهمية فائقة في الدراسات القانونية، فإن مباحث المسؤولية المدنية تعد أيضاً من المباحث التي لم يأل الشراح جهداً في التصدي لها. ومن ضمن تلك المباحث التي أثارت الاهتمام مباحث الشروط والاتفاقات المتعلقة بالمسؤولية التي تهدف؛ إما إلى إلغائها أو تحديدها، أو تشديدها، فتكون في الحالة الأولى شرط إعفاء من المسؤولية، وفي الثانية شروطاً محددة لها، وتكون في الأخيرة مشددة لها. فهل يصح قانوناً ومنطقاً أن يتخلص الشخص من مسؤوليته باتفاق سابق على تحققها؟ تلك هي المسألة التي أثارت وما زالت تثيرها اتفاقات المسؤولية أو الإعفاء منها. والجواب بلاشك يتضمن اجتهادات بالغة الأهمية على الفقه القانوني، وعلى السلوك الإنساني؛ فمن ناحية منطقية: أليست المسؤولية قرينة الحرية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فإن من كان حراً يجب أن يكون مسؤولاً، فكيف يصح التخلص من المسؤولية؟ ومن ناحية قانونية: ألا يمثل إلغاء المسؤولية تخلصاً مما اتجهت إليه الإرادة؟ إذ ليس من الجديد أن نقول أن العقد وليد الإرادة، وأنه متى "أراد" الشخص أن يلتزم، فإنه ليس من المقبول، للوهلة الأولى، أن يتهرب من نتيجة إخلاله بذلك الالتزام؟