نبذة النيل والفرات:لا تؤدي نشأة الدين بالضرورة إلى قيام حضارة، فقد يظهر دين في الأمة وتظل مسيرة التاريخ دون منعطف جوهري كما في البوذية أو اليهودية، بل قد تنهار الحضارة بعد انتشار الدين كما حمّل بعض مؤرخي الحضارة الرومانية، مثل جيون، المسيحية مسؤولية تدهورها. غير أن هناك تلازماً علياً بين نشأة الدين وقيام الحضارة في حالة الإسلام،...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:لا تؤدي نشأة الدين بالضرورة إلى قيام حضارة، فقد يظهر دين في الأمة وتظل مسيرة التاريخ دون منعطف جوهري كما في البوذية أو اليهودية، بل قد تنهار الحضارة بعد انتشار الدين كما حمّل بعض مؤرخي الحضارة الرومانية، مثل جيون، المسيحية مسؤولية تدهورها. غير أن هناك تلازماً علياً بين نشأة الدين وقيام الحضارة في حالة الإسلام، فما كان يمكن تصور قيام حضارة في شبه الجزيرة العربية آنذاك دون قيام الإسلام. وعلى الرغم من هذه الحقيقة الواضحة، إلا أن الأمم الإسلامية ما زالت تجرب في يومنا هذا أيديولوجيات بمنأى عن الدين بما يقرب من قرنين، فلم تحقق من الرقي شيئاً مذكوراً، بل ربما كان التخبط بين شتى الأيديولوجيات والتردي إلى حضيض تقليد الغير، فضلاً عن التبعية ومحصلتها الذل السياسي والإفلاس الحضاري.هنا يجب الاعتراف بأنه لا سبيل إلى الإصلاح والتقدم إلا بالدين سواء على مستوى الفكر والمبادئ أو الرجال والشخصيات، أما الفكر فلأن الإسلام، على خلاف غيره من الأديان، دين ودولة، ومن ثم لا سبيل إلى نهضة معرّاة عن الدين. وأما على مستوى الرجال فلأنه من شأن الإيماني الديني أن يقرن المثل العليا أو المبادئ بالعمل أو التطبيق، ولا نجد ذلك في أكثر المفكرين غير المتدينين، وتتبع أوجه الخير أو المؤسسات التي تقدم النفع العام للناس، فسنجد أغلبها ذا طابع ديني، وما سواها كلاماً بكلام. ومن ثم فإن نقطة البدء من أجل التماس سبيل النهضة هو تجديد الفكر الإسلامي، ومتابعة مسيرة السابقين من علماء مفكرين.في هذا الإطار يأتي كتاب "هاؤوم اقرؤوا كتابيه" الذي نقلب صفحاته وهو يمثل محاولة لإضافة يسيرة إلى جهود السابقين من المعاصرين في مجال تجديد الفكر الإسلامي وذلك تلبية لمقتضيات عصرنا هذا وإشباعاً لعقول أبناء هذا الجيل حتى يتبنوا الفكر الإسلامي دون غيره من الاتجاهات أو المذاهب مبدأ كما اعتنقوا الإسلام من قبل عقيدة. وقد خاض المؤلف في كتابه هذا في مظاهر شتى للثقافة الإسلامية كالتفسير والحديث والعقيدة والفقه وفلسفة التاريخ والأخلاق والسياسة والجماليات.