يسعى كمال ديب، وهو الخبير الاقتصادي المرموق، من خلال أسلوب أدبي سهل، وسلس، وبسيط، إلى إيصال رسالته إلى القارىء، أو بالأحرى إيصال صرخته المكبوتة وثورته ضد ما أدّت إليه الأوضاع في لبنان بعد الحرب. الحقيقة أنه يقوم بذلك بهذا الأسلوب الراقي، الذي يحركه على الدوام حب الوطن وحب اللبنانيين.فكمال ديب لا يتهجّم بشكل مباشر، بل العكس لا يت...
قراءة الكل
يسعى كمال ديب، وهو الخبير الاقتصادي المرموق، من خلال أسلوب أدبي سهل، وسلس، وبسيط، إلى إيصال رسالته إلى القارىء، أو بالأحرى إيصال صرخته المكبوتة وثورته ضد ما أدّت إليه الأوضاع في لبنان بعد الحرب. الحقيقة أنه يقوم بذلك بهذا الأسلوب الراقي، الذي يحركه على الدوام حب الوطن وحب اللبنانيين.فكمال ديب لا يتهجّم بشكل مباشر، بل العكس لا يتهم أحداً، وقد اختار فقط أن يوحي للقارئ بمدى التدهور الذي نعيشه في لبنان وذلك عبر الانتقال المستمر على مرّ الصفحات بين مشاهداته في كندا والولايات المتحدة ومشاهداته في لبنان. وكأنه بهذا الأسلوب الخفيف يقول للقارئ بشيء من التعب الخفي: "أنظر ما فعلنا بأنفسنا وبمجتمعنا من أضرار بليغة وأنظر ما فعله الكنديون لتأمين الرفاهية والهدوء وتعادل الفرص للجميع!.. وهذا الانتقال المستمر بين كندا ولبنان يعبّر عن شخصية المؤلف التوّاق إلى التقدم والرقي، على غرار الكثير من اللبنانيين والحائر بين حبه الجارف لوطنه وجذوره الشرقية وواقع مشاهداته الأليمة عندما يعود إلى الوطن.على بوابة الشرق، رغم أسلوبه الأدبي السهل والمريح، يضع القارىء أمام مشكلة وجدانية تعذّب اللبنانيين باستمرار في كل هذه القدرات والطاقات المزمنة التي تقذف بأبنائه إلى أرجاء المعمورة حيث يتمكنون من العطاء والمساهمة الفعالة في بناء أوطان الاغتراب، بينما تبقى المساهمة في بناء الوطن الأم مستحيلة المنال وعديمة الجدوى إن صفحات هذا الكتاب تطرح هذه العقدة الوجدانية الكائنة في نفسية كل لبناني مخلص، بشكل متميز يفوح منه باستمرار حب جارف للوطن وروح لبناءه بعيدة كل البعد عن التشنجات التقليدية اللبنانية بكل أنواعها. وهنا تكمن أهمية كتاب كمال ديب في هذه المرحلة من تاريخنا اللبناني.على خطى "قلب لبنان" للأديب أمين الريحاني و"الهويات القاتلة" لأمين معلوف "على بوابة الشرق- مشاهدات لبنانية" كتاب ديناميكي في صفحات مترابطة وكأنها قصة أدبية يتصف بشفافي الوصف النقدي لواقع لبنان في مطلع القرن الجديد، وينطبع بمنهجية المؤلف في السوسيولوجيا والاقتصاد. بعد 25 سنة من السكن الدائم في كندا، عاد المؤلف إلى لبنان مراراً وسجل مشاهداته في هذا الكتاب فجاءت واقعية بعيدة عن القشور والمبالغة في جمل حيَة وعبارات سهل تحاكي هموم الوطن والمواطن بعيني العاطفة السامية والمحبة الفائقة.هذا الكتاب قال عنه بعض من اطّلع على مسودته" "يجب أن يكون إلزامياً لكل مدارس لبنان". وقال عنه المسؤول إعلامي معروف: "يجب أن ينشر هذا الكتاب فوراً لأنه مرآة صادقة للبنانيين كما لا يريدون أن يشاهدوا أنفسهم". وقال عنه مفكر لبناني: "إنه كتاب جميل يحمل أخلاقية ورومنطيقية كادت تندثر عن لبنان".يطرح الكتاب الحياة المعاصرة في الجمهورية اللبنانية من خلال أمور لا يراها المقيم أو يعتبرها من المحظورات: العلاقات الجنسية وحرية المرأة، الفقر والتفاوت الاقتصادي بين المناطق، العنف المدرسي والعنف السياسي، التلفزيون والفيديو كليب، الجنوب والمقاومة، عرب أميركا ولبنانيو كند، الزعماء، المطاعم، خرافة التفوق الحضاري، العادات والتقاليد البالية، شوارع بيروت وحال الطرق، ومشاهدات أخرى بعدسة النقد البنّاء.ولكن إذا كان النقد هو مفتاح كل إصلاح حقيقي، وإذا كانت كلمة الحق عي أضعف الإيمان، فهذه مساهمة متواضعة.