لقد ضلّ أكثر الناس عن الصراط المستقيم الموصل إلى رضى رب العالمين، وسعادة العباد في الحياة الدنيا ويوم يقوم الناس لرب العالمين. وأن هذا الموصل إلى هذا الصراط هو الإيمان لنيل سعادتي الدنيا والآخرة. والمقصود أن الهدي مستلزم لسعادة الدنيا وطيب الحياة والنعيم الأجل، وهو أمر يشهد به الحسن والوجود، وأما سعادة الآخرة فغيب بعلم الإيمان؛ ...
قراءة الكل
لقد ضلّ أكثر الناس عن الصراط المستقيم الموصل إلى رضى رب العالمين، وسعادة العباد في الحياة الدنيا ويوم يقوم الناس لرب العالمين. وأن هذا الموصل إلى هذا الصراط هو الإيمان لنيل سعادتي الدنيا والآخرة. والمقصود أن الهدي مستلزم لسعادة الدنيا وطيب الحياة والنعيم الأجل، وهو أمر يشهد به الحسن والوجود، وأما سعادة الآخرة فغيب بعلم الإيمان؛ فلا عيش إلا عيش المحبين الذين قرّت أعينهم بحبيبهم، وسكنت نفوسهم إليه، واطمأنت قلوبهم، واستأنسوا بقربه، وتنعموا بحبه، ففي القلب فاقة لا يسدها إلا محبة الله، والإقبال عليه، والإنابة إليه، ولا يلم شعثه بغير ذلك البتة، ومن لم يظفر بذلك فحياته كلها هموم وغموم وآلام وحسرات، فإنه إن كان ذا همة عالية تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، فإن همته لا ترضى فيها بالدون، وإن كان مهيناً خسيساً فعيشه كعيش أخسّ الحيوانات، فلا تقرّ العيون إلا بمحبة الحبيب الأول.وبعد، فهذا الكتاب هو خطاب للبعيدين عن الشرع المتين، الذين يظنون أنهم لا يمكن أن يسعدوا حتى ينسلخوا من الشرع المتين ويتبعوا الشياطين. وقد جمع المؤلف في كتابه هذا جملاً كثيرة من الأدلة على أن السعادة إنما تكمن في الطاعة والعبادة، والأدلة هي من الكتاب العزيز ومن السنّة المطهرة، بالإضافة إلى أدلة من أقوال الصالحين والمصلحين، ومن شهادات التائبين، ومن واقع الأفراد البعيدين عن الشرع المتين، وأدلة من واقع المجتمعات التي تدين بالإباحية والكفر برب العالمين، وأدلة من واقع النفوس وما تشهد به القلوب، وأدلة من أقوال المنصفين من الغربيين الذين حصّلوا السعادة المفقودة والدرة المنشودة في الإسلام والتسليم.