تأتي قصة "الراقصان والعقد" بالإضافة إلى القصص الأخرى في سلسلة أجمل الروايات العالمية، وهي للروائي هنري رينيه ألبيرني دوموباسان الذي ولد في قصر ميرومينيل بفرنسا عام 1850. ويعتبر هذا الروائي الفرنسي من أشهر كتّاب القصة القصيرة في العالم أجمع. كان ذا ملاحظة شديدة، واعتبر في هذا من أبرز الروائيين من هذه الناحية، وقد شبه بالعالم الكب...
قراءة الكل
تأتي قصة "الراقصان والعقد" بالإضافة إلى القصص الأخرى في سلسلة أجمل الروايات العالمية، وهي للروائي هنري رينيه ألبيرني دوموباسان الذي ولد في قصر ميرومينيل بفرنسا عام 1850. ويعتبر هذا الروائي الفرنسي من أشهر كتّاب القصة القصيرة في العالم أجمع. كان ذا ملاحظة شديدة، واعتبر في هذا من أبرز الروائيين من هذه الناحية، وقد شبه بالعالم الكبير الذي يدرس البشر. وقد تميزت قصصه بالتشاؤم. بدأ حياته كاتباً في البحرية، وخدم في الجيش الفرنسي، ولما انصرف إلى الكتابة والتأليف تأثر بأسلوب الروائي غوستاف فلوبير ونسج على منواله وظلّ يتدرب على الكتابة ويتلف مخطوطاته قبل أن يأذن بنشر قصصه. وقد صدرت أولى قصصه سنة 1880 وهي بعنوان "الشحم" وتدور حول الحرب الفرنسية البروسية. وفي السنة نفسها أصدر موباسان ديوان شعر ومسرحية.عرف الروائي موباسان بالواقعية في أدبه، أراد تصوير مجتمعه بأمانة وإخلاص، فارتاد الأماكن المشبوهة وانغمس في الفساد، وقصصه ترسم صورة نفسه، فهو فيلسوف لا تخلو فلسفته من آراء طريفة في ما يتعلق بالحياة والمرأة. وهو قاس في حكمه على المرأة، يراها مخلوقاً غادراً قلّما يخلص أو يعف، وهي عنده أداة فتنة وفساد. وقد جمع في إنتاجه كل ما في الحياة من مشاهد وصور قد يمر بها الإنسان العادي فلا يجد فيها ما يهزّه، ولكنه يستطيع أن ينشئ منها فناً بارعاً.أما تحفته هذه، التي قلّدها الكثيرون "الراقصان والعقد"، قد لا تكون أعظم روائعه، ولكنها ترجمت عشرات المرات وتعدّ بحق فتحاً في تاريخ القصة القصيرة. فقد وهبه الله أسلوباً أدبياً يمتاز بأحكامه ودقته ورشاقته، ولا يفتقر أسلوبه الجميل إلى القوة والمرونة والتناسق، أضف إلى ذلك اجتهاده ومثابرته وبراعته في التلخيص والتخليص، ومهارته في الانتقال من طور التفكير إلى طور التنفيذ، لا يختلف فيها اثنان. أما خياله فخصب، وأما قدرته على إنتاج هذا الخيال، وصوغه في قالب قصصي جذاب، فلا تفوقها مقدرة. بنى موباسان قصصه على الأحداث البسيطة التي لا غموض فيها، فجذب إليه القلوب، واستعان بالواقع أو ما يشبه الواقع، أو ما يؤدي وظيفته، فلم تهن عزيمته، أو يجف فكره، أو تجدب قريحته.هوذا دو موباسان الذي أطراه تولستوي ومدحه أناتول فرانس وشاد بفضله أساطين الأدب في الغرب والشرق. وقد توفي موباسان سنة 1893 في السابع من شهر تموز/يوليو وعمره لم يناهز الثلاث والأربعون سنة، ودفن في مقبرة مونتبارناس بباريس.