الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد، أهمية الموضوع: التعسف في استعمال الحق صورة من صور الظلم أو هو تطبيق من تطبيقاته، ومن هنا جاءت ضرورة تجريمه كونه يمثل الحيدة أو الانحراف عن الغاية الاجتماعية التي تقرر الحق من أجلها. فإباحة بعض الأفعال التي تشكل جرائم في الأصل، يفترض فيها لكي تبقى في نطاق المش...
قراءة الكل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد، أهمية الموضوع: التعسف في استعمال الحق صورة من صور الظلم أو هو تطبيق من تطبيقاته، ومن هنا جاءت ضرورة تجريمه كونه يمثل الحيدة أو الانحراف عن الغاية الاجتماعية التي تقرر الحق من أجلها. فإباحة بعض الأفعال التي تشكل جرائم في الأصل، يفترض فيها لكي تبقى في نطاق المشروعية الالتزام بالغاية التي تقرر الحق أو الإباحة من أجلها، هذه الغاية تمثل في الواقع حسن النية لدى صاحب الحق، فإذا ما ساءت نيته انحرف بالغاية التي تقرر الحق من أجلها وعاد بالفعل من جديد إلى نطاق التجريم وسُئل الفاعل عن نتائج أفعاله بصفة عمدية. فالمشرع يفترض في كل إنسان أن يستعمل حقه بحسن نية لأن صاحب الحق متى ساءت نيته انحرف به عن حكمة تقريره، وهكذا ابتعد عن دائرة الإباحة. والقانون إذ يعترف بالحقوق للناس ويحميها، فإن ذلك إنما يصدر عن حكمة وغاية، وهذه الحكمة هي الإطار الذي ينبغي أن يتحرك في داخله كل حق ولا يستطيع تجاوزه دون أن يقع في دائرة المسؤولية. وفي مقابل ذلك فإن القانون إذا قرر حقاً أباح الأفعال اللازمة لاستعماله بهدف الحصول على المزايا التي يتضمنها أو لمباشرة السلطات التي يخولها، إذ ليس من المعقول أن يقر القانون حقاً ثم يحظر إتيان الأفعال اللازمة والتي يقتضيها استعمال هذا الحق، ما لم توجد ضرورة عامة تستدعي الحظر ضمن حدود معلومة، وإلا تنافرت قواعد القانون وتجرد الحق من قيمته.