ليس هناك من سبب للدهشة إذا عرفنا أن الناس قد رغبوا منذ القدم في التعرف على الكرة التي يقطنون. وهذا فضول طبيعي جداً، فقد أرادوا أن يعرفوا ما وراء تلك الغابات التي تصد الأنظار وما خلف تلك الجبال التي ترد البصر خاسئاً وهو حسير، ومن هو ذاك الذي يعيش على الضفة الأخرى من النهر؟ وكان ونتيجة لفضول الإنسان ولحاجاته اكتشاف تدريجي للأرض. ك...
قراءة الكل
ليس هناك من سبب للدهشة إذا عرفنا أن الناس قد رغبوا منذ القدم في التعرف على الكرة التي يقطنون. وهذا فضول طبيعي جداً، فقد أرادوا أن يعرفوا ما وراء تلك الغابات التي تصد الأنظار وما خلف تلك الجبال التي ترد البصر خاسئاً وهو حسير، ومن هو ذاك الذي يعيش على الضفة الأخرى من النهر؟ وكان ونتيجة لفضول الإنسان ولحاجاته اكتشاف تدريجي للأرض. كانت المحاولات الأولى لوصف الأرض، أو وصف أجزاء منها، غير مستندة إلى مشاهدة لأحد المعاصرين، بل كانت معلومات استقاها الرواة ممن سبقهم، ولكنها كانت بداية الجغرافيا على كل حال. وهكذا يبدو لنا تاريخ اكتشاف الإنسان للأرض كسفر ضخم يحوي جهود الإنسان منذ العصور الأولى، في حركته البطيئة والثابتة الدؤوبة نحو المعرفة. والكتاب الذي بين أيدينا يأتي في هذا الإطار، يحاول المؤلف من خلاله تقديم لوحة مختصرة تواكب التدرج التاريخي لتطور هذا العلم عند العرب، وهذه اللوحة تشتمل على ترجمة حياة زهاء خمسين من أبرز الجغرافيين المسلمين، مع قوائم بأهم إنتاجهم العلمي، تعقبها نصوص مختارة تبرز أهم نواحي اهتماماتهم واتجاهاتهم الجغرافية. وقد انتصر اختيار المؤلف على نصوص المؤلفين الأعلام الذين يمثلون النماذج المتنوعة والمميزة لمختلف أنماط الجغرافية الأدبية، مهملاً، بالتالي، الكتّاب الذين لا يمثلون أي أسلوب ذي أصالة، أو النصوص التي لا تضيف اتجاهاً جديداً.