يمكن القول بأن عنصري "النظرية والتطبيق" في النقد العربي لم يكونا متوازيين، فمع أنه لا غنى لأحدهما عن الآخر، ولا مجال للفصل بينهما، إلا أن الاهتمام والتدرج كان في الغالب من العام إلى الخاص، وفي ضوء هذا كانت القاعدة تقدم ليقاس عليها الصواب والخطأ، وحين كان يجيء دور التطبيق، كان لا ينظر عادة إلى النص في حضوره الكلي. في مثل هذا المن...
قراءة الكل
يمكن القول بأن عنصري "النظرية والتطبيق" في النقد العربي لم يكونا متوازيين، فمع أنه لا غنى لأحدهما عن الآخر، ولا مجال للفصل بينهما، إلا أن الاهتمام والتدرج كان في الغالب من العام إلى الخاص، وفي ضوء هذا كانت القاعدة تقدم ليقاس عليها الصواب والخطأ، وحين كان يجيء دور التطبيق، كان لا ينظر عادة إلى النص في حضوره الكلي. في مثل هذا المناخ كان يعيش الشاعر متأثرًا بنظرة النقاد الانطباعية في الغالب، ووجهة نظر البلاغيين الفضفاضة، وبكل ما هو طاف على وجه الحياة، فكل ممدوح أسد وكل محبوب قمر.. إلخ، بالإضافة إلى الوقوف عند المفردة وإعرابها. وعلى كل فقد كان وراء الاختيار ما يمكن أن يسمى بالجودة الفنية، وسيطرة فكرة المطلق، ولم يخل الأمر من اقتحام عالم عقلي جديد شجع عليه الإسلام، ومن تشكيل في القصيدة يختلف إلى حد ما عن النظام الذي كان معروفًا في الجاهلية، فقد تهذب جانب من الشعر بوساطة الإسلام، والغناء، وذوق الطبقة العليا، كما أن الأمر لم يخل من الشعراء العصاه، ومن نمو الحضارة إلى جانب البداوة. وما يحكم الأمر كله هو أن يكون النص محكومًا بقانون الاتساق، وجودة التوصيل، وقد كان معنى هذا أن يدفع للنص ببيئته الفكرية والبلاغية والنقدية، وأن يضاء بالمصابيح الحديثة ليعطي كل ما عنده. وهو يتفتح كما تتفتح الوردة.