ونفترض أن هذه الثنائية السلطوية (السلطة الذكورية في مقابل العشقية) مستمدة تصوريا من ظاهرة طبيعية هي ظاهرة الليل والنهار. وتنتج عن هذه الثنائية المعاني النهارية التي ترمز إلى السلطة الأولى، والمعاني الليلية التي ترمز إلى السلطة الثانية. وكما تتصارع هاتان السلطتان خارج اللغة، تتصارعان داخل اللغة، ونجدهما تتفاوضان باستمرار في تحديد...
قراءة الكل
ونفترض أن هذه الثنائية السلطوية (السلطة الذكورية في مقابل العشقية) مستمدة تصوريا من ظاهرة طبيعية هي ظاهرة الليل والنهار. وتنتج عن هذه الثنائية المعاني النهارية التي ترمز إلى السلطة الأولى، والمعاني الليلية التي ترمز إلى السلطة الثانية. وكما تتصارع هاتان السلطتان خارج اللغة، تتصارعان داخل اللغة، ونجدهما تتفاوضان باستمرار في تحديد ماهيات المعاني وفي إقامة المجازات، إن الأمر أشبه بصراع من أجل التوسع الإقليمي، وهو توسع لا يمكن للمعاني أن تعيش بدونه، شأنها فيذلك شأن الكائنات الحية. من نتائج طغيان السلطة الذكورية. إنها تسيطر على بناءاتنا الرمزية، وعلى رأسها اللغة ويمكن أن نقول، من هذا المنظور، إن اللغة ليست، في آخر المطاف سوى العماد المروج لهذه السلطة والداعم لها، والمدافع عن استمرارها. ولهذا السبب لا يحتاج الباحث إلى متن محدد كي يثبت قيام هذا التصور السلطوي، ويجلي مكوناته، ويضبط بنيته. أما السلطة المقابلة، التي نسميها السلطة العشقية، فموضوع تحاربه السلطة الذكورية. وبهذا المعنى، فالسلطة العشقية "سلطة أقلية" ولذلك لها متن محدد. إنها تسكن نصوص العشق، وتحتمي بها وفيها. لهذا لم نعتمد في الأجزاء الأولى من هذه الدراسة على متن خاص، بينما فعلنا ذلك في الأجزاء الأخيرة منها التي خصصناها للسلطة العشقية.