هذا الكتاب استعراض لأهم الروايات العربية وأهم الروائيين العرب في جولة واسعة ونقدية على أعمال العديدين من نجيب محفوظ إلى سواه كفاضل العزاوي وعروسة النالوتي وفؤاد التكرلي وأحمد إبراهيم الفقيه وسواهم.نبذة النيل والفرات:إن ثمة الكثير مما يقال حول أزمة الذات على الصعيدين التاريخي والفكري، إلا أن الأهم هو ما يقال عن أزمة الذات على الص...
قراءة الكل
هذا الكتاب استعراض لأهم الروايات العربية وأهم الروائيين العرب في جولة واسعة ونقدية على أعمال العديدين من نجيب محفوظ إلى سواه كفاضل العزاوي وعروسة النالوتي وفؤاد التكرلي وأحمد إبراهيم الفقيه وسواهم.نبذة النيل والفرات:إن ثمة الكثير مما يقال حول أزمة الذات على الصعيدين التاريخي والفكري، إلا أن الأهم هو ما يقال عن أزمة الذات على الصعيد الفتي الذي يجعل الرواية الفن الأكثر تعبيراً عن تجليات الأزمة، فتاريخ تكون الرواية العربية يكاد ينطبق على تاريخ البحث عن الهوية، فقد تطور نضوج الفن واستقلاليته في بناء واقع فني مواز للواقع الاجتماعي مع التعبير عن وعي الهوية، كذلك فإن نجاح الرواية في الامتلاك المعرفي للواقع أكثر من بقية الأجناس الأدبية السردية والغنائية، لأنها تقارب طبيعة البحث، ولأنها فن تعدد الأصوات، فلا تقول وجهة نظرها من صوت واحد هو صوت المؤلف أو أحد شخصياتها.يمكننا أن نقرأ تاريخ مصر الحديث في روايات نجيب محفوظ (مصر) أكثر من كتب التاريخ والمجتمع مجتمعة، وهذا هو شأن الروائيين المجيدين، أضف إلى ذلك مقاربة الرواية العربية لموضوعها وللموضوع القومي على وجه الخصوص، حتى أن هذا الموضوع القومي هو مدار تجارب روائية برمتها لبعض أبرز الروائيين كنجيب محفوظ، وفتحي غانم وعبد الرحمن الشرقاوي وجمال الغيطاني ويوسف العقيد وصنع الله إبراهيم في مصر، وصدقي إسماعيل وأديب نحوي وهاني الراهب وحيدر حيدر ونبيل سليمان في سورية، والطار وطار وواسيني الأعرج في الجزائر، وعبد الكريم غلاب ومبارك ربيع في المغرب، وإلياس خوري في لبنان، ومؤنس الرزاز في الأردن… الخ، وهذه مجرد أمثلة.إن تجربة الرواية العربية السياسية قد بلغت شأواً عالياً في مقاربة قضايا المجتمع العربي الحساسة والساخنة كقضية الحرية والسجن والسلطة والتخرب والمشاركة السياسية وسواها، بل إن تقصي معالجة الروائيين العرب للموضوعات السياسية يفضي إلى اليأس والخذلان، وفي دراسته المهمة "المثقف العربي والسلطة" لاحظ سماح إدريس (لبنان) أن استغراق الروائيين العرب في الموضوعات السياسية قد آل إلى إخفاق ذريع "وأنه ليبدو أن ثمة وعياً متزايداً لدى المثقفين، كما تصورهم الرواية العربية، باستحالة تحقيق أي تغيير حقيقي في الوضع العربي الراهن الراكد باللجوء إلى سلاح الفكر وحده".وفي دراسته لأزمة الذات العربية، التي هي الموضوع المحور في هذا الكتاب، يقسم عبد الله أو هيف تلك الدراسة إلى خمسة أقسام، يتناول في الأقسام الثلاثة الأولى بعض الزوايا التي تحيط بالتعرف إلى هذا الموضوع. وهي: رؤى الواقع، رؤى التاريخ، رؤى الآخر. وقد وجد الباحث بأن هذه الزواي تفي بحاجة الدراسة، معتقداً أن أي تقسيم هو تعسفي، وأن التداخل بين الواقع والتاريخ والآخر قائم في عمليات وعي الذات والكشف عن مظاهر تأزمها أو مآزقها. نادرة هي الروايات المخصوصة بهذه الزاوية أو تلك، ففي الروايات المكرسة لرؤى الآخر صوراً عميقة للذات، ومثلها رواية حميده نعنع من سورية "من يجرؤ على الشوق"، كما أنه في الروايات المعنية برؤى الواقع صلات لا تغفل بالآخر، وهذا جلي في رواية صنع الله إبراهيم (مصر) "ذات". أما روايات رؤى التاريخ فتضم في تضاعيفها وعياً جذرياً بالواقع والآخر معاً، ومن أمثلتها التي عالجها الكاتب في هذه الدراسة، رواية نبيل سليمان (سورية) "مدارات الشرق" ورواية نجيب محفوظ "حديث الصباح والمساء". من جهة ثانية، رأى الباحث بأن هذه الزوايا الثلاث تحيط بالموضوعات السياسية والاجتماعية الأخرى كموضوعات التنمية والمرأة أو السلطان بأنواعه، وهي جميعها ذات صلة بالتحقيق الذاتي.وفي القسم الرابع تناول حدثاً كبيراً يغطي زاوية أخرى من زوايا الدراسة هو، الانتفاضة، لأنه يشخص اليوم مظاهر تأزم الذات العربية من وجوه مختلفة، مخصصاً القسم الخامس لحدث آخر ضاغط على الوجدان القومي هو رواية الحرب اللبنانية، لأنها مثال شاخص ومستمر للتأزم الذاتي القومي. وقد اتبع الباحث في دراسته هذه المنهج النقدي التقويمي، الذي يستفيد من بعض معطيات المناهج الحديثة، دون أن يرتهن لها كالعلاماتية والشكلانية إذ أنه وجد أن بحث قضية أو موضوع في جنس أدبي محدد يحتاج إلى تضافر التوصيف التاريخي والتحليل الموضوعي والنظرة النقدية. وهو يقول بأنه قد تصلح العلاماتية أو الشكلانية لدراسة نصية مفردة، ولكنهما لا يحيطان بحاجات مثل هذه الدراسة، لذا اكتفى بعرض خاطف لهذه الرؤى أو تلك، لهذا الحدث أو ذاك، ليتبعه بعرض نقدي لبعض الروايات المعبرة أكثر عن هذه الرؤى أو تلك، عن هذا الحدث أو ذاك.