يعكس مسجد الحسن الثاني فـي الدار البيضاء صفحة مضيئة من تاريخ فنون العمارة الإسلامية فـي المغرب الأقصى، ففي الوقت الذي ترمز فيه هذه المعلمة الحضارية إلى إبداع المعمار المغربي الحديث، فإنها تساهم فـي إحياء عبق الماضي واستشراف المستقبل عبر حاضر زاخر بجهود الأجيال المغربية المتعاقبة، تأكيداً على تواصل العطاء الحضاري بين مغرب الأمس و...
قراءة الكل
يعكس مسجد الحسن الثاني فـي الدار البيضاء صفحة مضيئة من تاريخ فنون العمارة الإسلامية فـي المغرب الأقصى، ففي الوقت الذي ترمز فيه هذه المعلمة الحضارية إلى إبداع المعمار المغربي الحديث، فإنها تساهم فـي إحياء عبق الماضي واستشراف المستقبل عبر حاضر زاخر بجهود الأجيال المغربية المتعاقبة، تأكيداً على تواصل العطاء الحضاري بين مغرب الأمس واليوم المضيئين بصفحات المجد والفخار والازدهار.إن تدشين مسجد الحسن الثاني يوم الإثنين الحادي عشر من ربيع الأول من سنة 1414هـ، الموافق 30 أغسطس 1993 بمدينة الدار البيضاء، هو أقوى تعبير عن العزم الملكي والشعبي القوي لإثبات الحضور فـي مجال العمارة الإسلامية، وتأكيد استشراف القيم الجمالية الجديدة، ولذا ستظل هذه المعلمة الحضارية تعكس قدرة الفنان المغربي على التحديث، والإبداع فـي إطار استلهام التراث الفني المغربي الأندلسي فـي فنون العمارة، منفتحا فـي نفس الوقت على المكاسب التكنولوجية المتقدمة، مجليا بروح الشعب المغربي الأصيل المتعلق بتعاليم الإسلام وروح الحضارة المعاصرة.لقد أصبحت الدار البيضاء بهذا الإنجاز المعماري الرائع، بالإضافة لكونها العاصمة الاقتصادية للمملكة المغربية، حاضرة مسجد الحسن الثاني، مكانا للقاء والتبادل الثقافـي، ومعبراً ضروريا للفنون والمعرفة والفكر، وأضحت هذه المدينة مرآة الإسلام، المنفتح على الحداثة والتكنولوجيا المتطورة. لكل هذه الاعتبارات السابقة، نخصص هذا العدد من سلسلة «روائع الآثار المغربية للأطفال والناشئين» لإلقاء الضوء على روائع العمارة والفنون الإسلامية بمسجد الحسن الثاني فـي الدار البيضاء، للمساهمة فـي نشر الوعي الأثري بتلك المعلمة الحضارية المهمة التي أبدعتها يد الصانع المغربي، وإلقاء الضوء على كفاح المغفور له الملك الحسن الثاني، وتلاحمه مع شعبه لتحقيق الإنجازات الضخمة فـي هذا المجال، والتي انطلقت بتشييد ضريح محمد الخامس بالرباط، وسلسلة من المشروعات الضخمة من ترميم أو تجديد أو بناء القصور الملكية فـي شتى مدن المملكة المغربية. وإذ يسعدني أن أقدم هذا الكتاب إلى عامة القراء، وخاصة إلى أبنائنا الأعزاء، متمنياً لهم أن يقضوا ساعة ممتعة مع روائع مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، أخُلص كلمات الشكر والتقدير إلى الأستاذ الدكتور عباس الجراري، مستشار جلالة الملك محمد السادس نصره الله، وإلى سعادة الأستاذ الدكتور محمد الكتاني، مكلف بمهمة بالديوان الملكي، وإلى كل من مدَّ يد العون لإنجاز هذا العمل. والله أسأل أن يوفقنا لما فيه الخير ونشر الوعي الأثري للأجيال القادمة بعلامات الفخار والازدهار فـي تراث المملكة المغربية العريق.وعلى الله قصد السبيل.