شفشاون مدينة فريدة تتميز بطابعها الأندلسي والمغربي الأصيل، وبأبعادها المتعددة وخصوصيتها البارزة، وباندماج طابعها المعماري فـي محيطها الجبلي، بالإضافة إلى مقدرتها على استيعاب العناصر البشرية الأندلسية وصهرها فـي بوتقة شفشاونية واحدة، تميزت بالتنوع الثقافـي فـي إطار وحدتها التاريخية والروحية، مما ساهم فـي رسوخ الهوية الثقافـية الإ...
قراءة الكل
شفشاون مدينة فريدة تتميز بطابعها الأندلسي والمغربي الأصيل، وبأبعادها المتعددة وخصوصيتها البارزة، وباندماج طابعها المعماري فـي محيطها الجبلي، بالإضافة إلى مقدرتها على استيعاب العناصر البشرية الأندلسية وصهرها فـي بوتقة شفشاونية واحدة، تميزت بالتنوع الثقافـي فـي إطار وحدتها التاريخية والروحية، مما ساهم فـي رسوخ الهوية الثقافـية الإسلامية التي ساعدت على تطور الحركة الصوفية والتيار الجهادي فـي مقاومة الاستعمار الأجنبي.
وتُعدُّ شفشاون أول رباط استخدم للجهاد ومواجهة الغزوات التي تعرض لها شمال المغرب الأقصى فـي أوائل القرن التاسع الهجري، الخامس عشر الميلادي، حيث أصبحت المدينة قاعدة للمجاهدين الذين ضحوا بأنفسهم من أجل الدفاع عن حوزة الوطن واستقلاله، فقد جعلوا من حصون شفشاون الطبيعية بين أحضان الجبل، موقعاً استراتيجياً ساعدها على القيام بدور جهادي مهم عبر تاريخها، وقد تجلت شهرة مدينة شفشاون المستلقية بين حضن جبلين شامخين فـي طابعها المعماري والثقافـي الأصيل الذي تمتزج فيه الحضارة المغربية الأندلسية. ويعتبر الشريف العلمي المولى عبدالسلام بن مشيش المعروف بـ «ابن جمعة» صاحب فكرة تأسيس شفشاون كرباط للجهاد ضد الغزو الأجنبي للمغرب الأقصى، وتجمع المصادر التاريخية على أن مولاي الأمير علي بن راشد، هو مؤسس مدينة شفشاون، وباني قصبتها التي أحاطها بالأسوار العالية ودعمها بالأبراج القوية.
ولكل هذه الاعتبارات، يسعدني أن أخصص هذا العدد من سلسلة «روائع الآثار المغربية للأطفال والناشئين» لإلقاء الضوء على روائع الآثار فـي مدينة شفشاون، للمساهمة فـي نشر الوعي الأثري بكنوز مدينة شفشاون الأثرية التي خلفها الأجداد، آملين فـي تركيز جميع الجهود للحفاظ على معالم هذه المدينة العريقة، والعمل على تسجيلها على قائمة التراث العالمي، لما تحضنه من تراث استثنائي متفرد من المعالم التاريخية والحضارية والأثرية الباقية فـي مدينة شفشاون.
وإذ يسعدني أن أقدم هذا الكتاب إلى القارئ الكريم، متمنياً له أن يقضي ساعة ممتعة بين عبق تاريخ وروائع آثار مدينة شفشاون، أجد لزاما عليَ أن يتصدر كتابي هذا أسمى آيات الشكر والتقدير إلى سعادة الشيخ العلامة الأستاذ علي الريسوني، وإلى الأستاذ إسماعيل البشير العلمي، وإلى الفنان محمد حقون، وإلى الأستاذ الدكتور مصطفى الزباخ، وإلى الأستاذ محمد السفياني، وإلى كل من مد لي يد العون من أجل إخراج هذا العمل بصورة تليق بعبق تاريخ وأمجاد مدينة شفشاون، سائلاً المولى عز وجل أن يوفقنا لما فيه الخير لنشر الوعي الأثري للأجيال القادمة بتراث المغرب الأقصى العريق.
وعلى الله قصد السبيل