روائع الثريات المغربية

تُعَدُّ الثريات المغربية من التحف المهمة التي تساهم فـي كشف العديد من الجوانب الأثرية والفنية المرتبطة بخصائص الفنون والآثار فـي المغرب الأقصى. وعلى الرغم من أهمية الثريات فـي إنارة العمائر الإسلامية، وقيمتها الفريدة بالنسبة لتأريخ الفنون الإسلامية فـي المغرب الأقصى، إلا أنها لم تلق العناية والاهتمام اللازمين من قبل الباحثين والمتخصصين فـي مجال الفنون الإسلامية، الذين عزفوا عن دراستها، لما تتسم به هذه التحف من صعوبة فـي تتبع عناصرها الفنية، وذلك بسبب ندرة ما تبقى منها وتناثر أجزائها بين العمائر الإسلامية والمتاحف، بالإضافة إلى عمليات الترميم المتتالية التي ألحقت بهذه الأدوات الفنية ونقوشها المتنوعة، تغييرات جمة يصعب معها فحص ودراسة تلك الأدوات بشكل أثري وفني.وتكمُن أهمية هذا العدد من سلسلة «روائع الآثار المغربية للأطفال والناشئين»، فـي نشر الوعي الأثري بأهمية روائع الفنون الإسلامية فـي المغرب الأقصى، والتي من بينها الثريات التي تزين مساجد هذا البلد العريق، والتعرف على عناصرها الزخرفية، وقراءة نصوصها الكتابية، وتوضيح مدلولاتها التاريخية والأثرية، وتفسير الألقاب الواردة عليها، وتحديد أهم مراكز صناعتها فـي المغرب الأقصى.لقد انتهينا فـي الحلقة الماضية من زيارة جامع القرويين بمدينة فاس والتعرف على هذه المعلمة الحضارية والثقافية الرائدة، والوقوف على مراحل تطورها المعماري والفني، وأهميتها فـي نشر العلم والثقافة فـي داخل المغرب وخارجه، وشاهدنا التحف الفنية الرائعة المحفوظة بين جدرانه، مثل المنبر والمحراب، والأبواب، والمزاول الشمسية، والنافورات، والثريات وغيرها، ووقفنا معكم عند الثريا الكبرى، ووعدناكم باستكمال الرحلة مع التلاميذ والمعلمة والآثاري، وأن نخصص هذه الحلقة للحديث عن روائع الثريات المغربية، وذلك لإلقاء الضوء على هذه التحف الفنية المغربية التي ابتكرتها يد الصانع المغربي الماهر.ويسعدني أن أقدم هذا الكتاب إلى القارئ الكريم، متمنياً له أن يقضي ساعات ممتعة مع عبق الثريات المغربية الفريدة.والله أسأل أن يوفقنا لما فيه خير مغربنا ونشر الوعي الأثري لكنوزه العريقة، وتعريف الأجيال القادمة بعلامات الفخار والازدهار فـي تراثه الحضاري الإسلامي المجيد.