التاريخ السياسي والحضاري للدولة العربية

نبذة النيل والفرات:يتفق المؤرخون المحدثون على أن تاريخ الدولة العربية هو تاريخ الدولة التي وضع النبي صلى الله عليه وسلم أسسها في المدينة، واتسعت بالفتوحات الإسلامية في الشرق والغرب زمن الخلافة الراشدة وازدهرت حضارتها في عصر الدولة الأموية، ثم سقطت بسقوط هذه الدولة الأموية على أيدي العباسيين وأنصارهم من الفرس في سنة 132هـ/750م على أساس أن تاريخ الدولة العربية دون غيرهم من الأجناس الأخرى، واعتبروهم مادة الإسلام، في حين أن تاريخ الدولة العباسية هو المرحلة التاريخية التي سقطت فيها مكانة العرب، وحلّ محلهم في السلطان أجناس أخرى كالفرس والأتراك والبربر، ولعل ذلك في نظرهم هو السبب فيما ذهب إليه مؤرخو العرب بأن دولة بني العباس أعجمية ودولة بني أمية عربية.إلا أن مفهوم تاريخ الدولة العربية على النحو المشار إليه سابقاً لا ينطبق تماماً على الحقيقة التاريخية لأمرين: الأول، أن دولاً عربية ذات اتجاهات قومية قامت قبل الإسلام بعهود طويلة كالدول العربية القحطانية التي قامت في جنوب الجزيرة العربية وعلى تخوم الشام والعراق، ودولتين الأنباط وتدمر العربيتين اللتين قامتا في شمال الجزيرة العربية وفي شمالها الغربي، وبعض الحواضر الحجازية التي اتخذت لنفسها نمطاً في الحكم على النظام القبلي أشبه ما يكون بالحكم الجمهوري القائم على الشورى والانتخاب. والثاني أن الدولة العربية في نطاق مفهومها الذي اتفق على تحديده يمكن أن تتقبل دولاً عربية أخرى قامت على أكتاف عناصر عربية وساد فيها العنصر العربي، وقامت حضارتها على أسس عربية، مثل دولة بني أمية في الأندلس التي تعتبر امتداداً طبيعياً للدولة الأموية في المشرق، وتعتبر حضارتها استمراراً لحضارة العرب في العصر الأموي.كما أن الكيان العربي ظل واضحاً رغم التفوق السياسي والحضاري للعناصر الفارسية أو التركية أو البربرية التي غلبت على الأقطار الإسلامية المختلفة، وظهر العرب كدول عندما تصدع الإطار الخارجي للدولة الأعجمية، فقامت الدولة الحمدانية في حلب، ودولة بني عقيل في الموصل وبعض الدويلات العربية في الشام كالمرداسيين وبني جراح وبين كلاب، ودولة الأغالبة في المغرب الأدنى وغيرها.ضمن هذا الإطار تأتي الدراسة حول التاريخ السياسي والحضاري للدولة العربية، بما في ذلك العصر السابق على الإسلام لتضمنه المنابت الأولى لتاريخ الدولة العربية الإسلامية بحيث لا يمكن تفسير التاريخ السياسي والحضاري لهذه الدولة دون الإلمام ولو جزئياً بتلك المنابت.