هذا كتاب على باب الدم وعلى اسم الشهيد. كتاب فى ذكر المقاومة الاستشهادية الجديدة، والتى طورت قواعد وأساليب حرب من نوع فريد، وخلقت للأمة المنكوبة جيشها الذى لا يقهر، وقد يكون لدينا ألف سبب لكراهة حالنا، بؤس الحكام، وغيبوبة الشعوب، وتردى الثقافة، والغنى السارق، والفقر الداهس، وسيوف الأعداء السالكة فينا، وتداعى الأمم علينا كما تتداع...
قراءة الكل
هذا كتاب على باب الدم وعلى اسم الشهيد. كتاب فى ذكر المقاومة الاستشهادية الجديدة، والتى طورت قواعد وأساليب حرب من نوع فريد، وخلقت للأمة المنكوبة جيشها الذى لا يقهر، وقد يكون لدينا ألف سبب لكراهة حالنا، بؤس الحكام، وغيبوبة الشعوب، وتردى الثقافة، والغنى السارق، والفقر الداهس، وسيوف الأعداء السالكة فينا، وتداعى الأمم علينا كما تتداعى الأكلة إلى قصعة الرمم.. قد يكون لدينا ألف سبب لكراهة حال الأمة، وضعف قوتها، وقلة حيلتها، وهوانها على الناس، وغربتها عن التاريخ الجارى، وغيبتها الكبرى، وكأنها قد اخذت إجازة مفتوحة من سباق الحياة اللاهث، وانتهت إلى منافى الروح وفيافى العقل ومرافئ الموت المعلن.ففى كل حروب الدنيا، كانت حسابات العقل البارد بالورقة والقلم والمسطرة، موازين السلاح والاقتصاد هى الأهم، وحساب المعنويات فى حواشى الهوامش على متن السلاح، وقد قلبت المقاومة العربية الجديدة حسابات العقل الجامد، وابتدعت حروبا من نوع مختلف، سحبت فيها المتن إلى الهامش، وجعلت الهامش فى أصل المتن، بدأت بثقافة الاستشهاد ومعجزاته، وبناء مصانع القنابل البشرية، بدأت بصبر القة المؤمنة، المفارقة لعجزنا، ولقيود الجاذبية الأرضية، والمعتصمة بروح الله، وأدارت المنازلات الكبرى، وتوالت مشاهد الدراما الدموية على جبهة الصدام المباشر مع العدو الأمريكى الإسرائيلى، دار الصدام بين قرار الروح العفية وجبروت السلاح الذكى، بين أعلى قيمة إنسانية وأعلى قيمة تكنولوجية، وثبت أن سلاح الجسد الناسف أقوى من التكنولوجيا المدمرة، ثم ثبت أن المقاومة الاستشهادية تقدر على اكتساب التكنولوجيا، فيما تعجز التكنولوجيا الفائقة عن اكتساب حس الشهادة. وقد نفهم أن لكل أمة شهداءها، ولكل أمة مقاوماتها، لكن مقاومة هذه الأمة الآن من نوع خاص جدا، فاستشهاديتها عمل بتلقائية الفطرة، ثم أنها مقاومة وحيدة محاصرة، وتحالفت الدنيا كلها لقطع خطوط الإمداد والعطف عنها، وثبت -مع ذلك- فى ميادين القتال الضارى، وثبت أنها القوة التى لا تقهر، وتقهر الجيش الإسرائيلى الذى قيل إنه لا يقهر، وتنزل بالهزائم الثقيلة على أم رأس أمريكا أكبر "أرمادا" عسكرية فى التاريخ البشرى كله. وعلى باب الدم الشهيد، تقف سطور هذا الكتاب ومقالاته المتفرقة، تقرأ فى دفتر الزمن، تفسر وتحلل وتنبئ بما كان ويكون (وقد وضعت أغلب المقالات بتواريخ نشرها لبيان مقدرتها على التفسير والتنبؤ)، وتتابع لحظات تحول العالم، وخيانة النظم، ومأزق إسرائيل، وخريف أمريكا، وربيع المقاومة الجديدة التى تنفخ فى الصور من رماد أحزاننا.