هذا الكتاب؛ في أصله، سلسلة من المحاضرات في الدراسات النصية في المذهب الحنفي ألقيت على طلبة مرحلة الإجازة العالمية بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، ألقاها كل دكتور عبدالحسيب سند عطية أستاذ الفقه المساعد بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، ودكتور محمود محمد عبدالقادر سليم مدرس الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر. وقد جاءت...
قراءة الكل
هذا الكتاب؛ في أصله، سلسلة من المحاضرات في الدراسات النصية في المذهب الحنفي ألقيت على طلبة مرحلة الإجازة العالمية بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، ألقاها كل دكتور عبدالحسيب سند عطية أستاذ الفقه المساعد بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، ودكتور محمود محمد عبدالقادر سليم مدرس الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر. وقد جاءت هذه الدراسات في كتاب من أهم كتب الفقه الحنفي، وهو كتاب "الهداية شرح بداية المبتدي"، وهي دراسات في أبواب الوكالة والإجارة والديات، وتناول المؤلفان ما ورد من كلام صاحب الهداية بالشرح والتوضيح والتبيان بما يتناسب مع واقع الطلاب. أما كتاب (الهداية شرح بداية المبتدي) للعلامة المرغيناني - رحمه الله تعالى - فهو من أهم كتب فقه السادة الأحناف وتلقاه العلماء بالقبول والتلقي والشروح والحواشي والاعتماد والاستشهاد حتى وقتنا الحالي. وفي نسب الإمام المرغيناني قال الحافظ بن عبد القادر القرشي في "الجواهر المضية في تراجم الحنفية": علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني شبخ الإسلام برهان الدين المَرغيناني العلامة المحقق "صاحب الهداية". اهـ. وقال الفاضل اللكنوي في "الفوائد البهية في تراجم السادة الحنفية": كان إمامًا فقيهًا حافظًا محدثًا مفسرًا جامعًا للعلوم ضابطًا للفنون متقنًا محققًا نظارًا مدققًا زاهدًا ورعًا فاضلًا ماهرًا أصوليًا أديبًا شاعرًا لم تر العيون مثله في العلم والأدب. وله اليد الباسطة في الخلاف والباع الممتد في المذهب. اهـ. وقد قام الإمام المرغيناني بتصنيف كتاب، سماه بداية المبتدى جمع فيه كتابي: القدوري. والجامع الصغير، للإمام محمد بن الحسن الشيباني، وزاد عليهما مسائل عند الضرورة، ثم شرحه بكتاب سماه كفاية المنهى، في ثمانين مجلداً، ثم اختصره في كتابه: الهداية. وقد صنف الهداية في ثلاث عشرة سنة، وبقي صائماً في عهد تأليفه لهذا الكتاب، لم يطلع على صومه أحد. قال إمام العصر، المحدث، الشيخ محمد أنور الكشميري الديوبندي رحمه اللّه: ليس في أسفار المذاهب الأربعة كتاب بمثابة كتاب الهداية في تلخيص كلام القوم، وحسن تعبيره الرائق، والجمع للمهمات في تفقه نفس، بكلمات كلها درر وغرر. وقال: وقد صدق من قال من بعض أفاضل الشيعة: إن كتب الأدب العربي في المسلمين ثلاثة: التنزيل العزيز. وصحيح البخاري. وكتاب الهداية، اهـ. وقال: براعة الإنشاء، وفضل الأدب يظهر في إفصاح التعبير الأدبي في غوامض الأبحاث، ومشكلات المسائل، ليست المزية في فصاحة عبارات الحدائق والأزهار، وذكر النسائم، وخرير الأنهار، فإنه باب طَرَقه كل شاعر وكاتب. وقال: لا يدرك شأو صاحب الهداية في فقهه ألف فقيه، مثل صاحب الدر المختار، فإن صاحب الهداية فقيه النفس، علمه علم الصدر. وعلم صاحب الدر المختار علم الصحف والأسفار، وان البون بينهما لبعيد. وقال: سألني بعض الفضلاء، هل تقدر على أن تؤلف كتاباً، مثل:- فتح القدير، وهو شرح الهادية - في الدقة والتحرير؟ قلت: نعم، قال: ومثل الهداية؟ قلت: كلا، ولو عدة أسطر. قال بعضهم: وناهيك بهذه الكلمات، من هذا الأستاذ الإمام، إمام العصر. في منزلة هذا الكتاب الجليل. وقد تناول العديد من العلماء بشرح أبواب هذا الكتاب وتخريج أحاديث، ولعل من أهمهم الإمام الزيلعي في كتابه: "نصب الراية لأحاديث الهداية"، وكذلك الإمام بن حجر العسقلاني في كتابه "الدراية في تخريج أحاديث الهداية" (ملخص نصب الراية).