الصلاة هي آكد أركان الإسلام، الخمسة بعد الشهادتين، وهي عماد الدين وغرة الطاعات، اجتمع فيها من أنواع الطاعات ما لم يجتمع في غيرها من أنواع العبادات، قال صلى الله عليه وسلم: ((وجُعِلَت قرَّة عيني في الصلاة)). ومن هنا كان اعتناء ولاة الأمر بإلزام الرعية بها، فقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يكتب إلى عمَّاله: "إن أهم أمركم عندي ا...
قراءة الكل
الصلاة هي آكد أركان الإسلام، الخمسة بعد الشهادتين، وهي عماد الدين وغرة الطاعات، اجتمع فيها من أنواع الطاعات ما لم يجتمع في غيرها من أنواع العبادات، قال صلى الله عليه وسلم: ((وجُعِلَت قرَّة عيني في الصلاة)). ومن هنا كان اعتناء ولاة الأمر بإلزام الرعية بها، فقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يكتب إلى عمَّاله: "إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيَّعها كان لما سواها أضيع". وقد امتدح الله تعالى المؤمنين بإقامتهم للصلاة فقال: ﴿ قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾ [المؤمنون: 1-2]، وذمَّ الكافرين بتركهم لها، فقال سبحانه: ﴿ فما لهم لا يؤمنون * وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ﴾ [الانشقاق: 20-21]، وذمَّ المنافقين بعدم اهتمامهم بها: ﴿ إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى لصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ﴾ [النساء: 142]. وإذا كان للصلاة هذه المنزلة الهامة في الإسلام؛ فإن الأمر لا يتوقف عند حدود الصلوات الخمس المفروضة في اليوم والليلة، وإنما يتعداها إلى صلاة النافلة، باعتبار أنها متممة للفريضة، وجابرة لنقصانها. ولما كان لصلاة النافلة هذه المنزلة، فقد أفردت بحثي هذا للحديث عن أحكامها. وقد رأيت العلماء في كلامهم عن صلاة النافلة قسَّموها إلى قسمين: قسم لا يسن صلاته في جماعة، وقسم آخر يسن صلاته في جماعة، فقصرت بحثي هذا على القسم الأول، باعتبار أن الفقهاء قد خصُّوه بباب مستقل، بينوا فيه كل ما يتعلق بأقسام هذا النوع وأحكامه بالتفصيل، وأما ما شُرع في جماعة؛ فإنهم قد أفردوا لكل صلاة منها بابًا مستقلا، كصلاة الكسوف والاستسقاء وغير ذلك. وقد راعيتُ في عرضي لأحكام هذا الباب أن يكون تناولي لأحكامه في أسلوب سهل ميسور، بعيداً عن التعقيد في عرض المسائل الفقهية، ومرجِّحًا ما أرى رُجحانه بالدليل الشرعي.. راجيًا من المولى أن ينفع بهذا العمل كل من يطَّلع عليه، وأن يعينني على العمل بما كتبت، إنه سميع مجيب.