مرت محاولات التعاون العربي عموماً والتعاون العسكري بشكل خاص بمراحل مختلفة حققت فيها قليلاً من النجاح وكثيراً من الفشل، لكن تجربة التعاون العسكري العربي في الصراع العربي-الإسرائيلي عام 1973 كانت ملهمة وباعثة غلى إحياء الأمل في تحقيق تعاون عسكري عربي فعال، يضمن للشعب العرب الحد الأدنى المقبول من الأمن على أمل الوصول إلى الحد اللاز...
قراءة الكل
مرت محاولات التعاون العربي عموماً والتعاون العسكري بشكل خاص بمراحل مختلفة حققت فيها قليلاً من النجاح وكثيراً من الفشل، لكن تجربة التعاون العسكري العربي في الصراع العربي-الإسرائيلي عام 1973 كانت ملهمة وباعثة غلى إحياء الأمل في تحقيق تعاون عسكري عربي فعال، يضمن للشعب العرب الحد الأدنى المقبول من الأمن على أمل الوصول إلى الحد اللازم في هذا الأمن الأمر الذي جعل هذا التعاون موضوعاً لدراسة سابقة بعضها في ظل المفهوم الواسع للأمن،وقليل منها متخصص في التعاون العسكري العربي.إلا أن أغلب هذه الدراسات قد اتخذ الطابع التاريخي محاولاً الاستفادة منه في المستقبل كما نحا في أغلبه إلى نظرة مثالية تستلهم وضعاً مثالياً لتحقيق الأمن غير مرتبط كثيراً بالواقع المعاش، الأمر الذي يوحي للقارئ أحياناً أنه قفزة من الواقع إلى الحلم لا ترتبط كثيراً بخطوات تمهيدية عملية على الطريق من الواقع إلى الهدف. من هنا جاءت هذه المحاولة لتناول موضوع التعاون العسكري العربي لتجمع بين النظرة الشاملة إلى الأمن العربي، ودروس التجارب الماضية لهذا التعاون، والاستفادة من التجارب الأخرى للتعاون العسكري عموماً، في محاولة وضع تصور مناسب لمستقبل التعاون العسكري العربي، محددة مداخل لهذا التعاون في ضوء دراسة متأنية لإيجابيات التجارب السابقة وسلبياتها، ساعية إلى تحديد خطوات للوصول إلى الهدف المنشود وهكذا ابتدأ الدراسة ببحث الأمن القومي العربي مع التركيز على الجانب العسكري وتأثير الموقع الجغرافي، الموارد الطبيعية، والموارد البشرية وخصائصها فيه، وتأثير هذه الموارد في هذا الأمن. يلي ذلك دراسة التهديدات الموجبة إلى هذا الأمن مستوضحة مصادر التهديد وأساليبه ووسائله التاريخية والحالية والمستقبلية.وفي ضوء ذلك تنتقل الدراسة إلى إمكانية مواجهة هذه التهديدات منفردة ومجتمعة ومدى قدرة الأقطار العربية كل على حدة على ومواجهة هذه التهديدات ودراسة البدائل الممكنة لمواجهتها، وموقع التعاون العسكري بين هذه البدائل ومدى حتميته. وبعد توصل الدراسة إلى أهمية التعاون العسكري تنتقل إلى دراسة أنماط التعاون العسكري الحالية العالمية بين الكتل المتصارعة، وبين الدول خارج هذه الكتل ثم تنتقل الدراسة إلى تجارب التعاون العسكري العربي في التاريخ الحديث ليس لتقويمها والحكم عليها، وإنما للخروج بإيجابيات التجربة وسلبياتها لتكون نوراً على الطريق وعلامات تحذير من مخاطره.من خلال ذلك تخرج الدراسة بإشكاليات التعاون العسكري العربي التي توضح المصاعب التي حالت وتحول دون تحقيق تعاون عسكري فعال، ونحاول أن تطرح حلولاً لهذه الإشكاليات تتوخى، قدر الإمكان أن تكون حلول منطقية وعملية وتدريجية. وإزاء الواقع المعاشر، تطرح الدراسة مداخل مبدئية للتعاون العسكري العربي في الظروف الحالية للمجتمع العربي وإيماناً بأن التعاون العرب التي يمكن أن يتحقق بالطرق الإدارية ومن خلال الأجهزة البيروقراطية وحدها، تطرح الدراسة أمام القوى الشعبية العربية، بما اكتسبته من علم وخيرة من خلال تجارب الماضي وما تحمله في قلوبها من إيمان وإخلاص للقضية العربية، بعض الإمكانات لمساهمتها وبخاصة من خلال مراكز الدراسات والبحوث في تحقيق لوازم التعاون العسكري العربي كمدخل لتحقيقه على مدى أصول.ونظراً إلى مداخل الآراء حول موضوع التصنع الحربي العربي المشترك وتراوحها بين نظرة حالمة مفرطة في التفاؤل ونظرة متجمدة مفرطة في التشاؤم، حاولت الدراسة أن تجد للتصنيع الحربي العرب المشترك طريقاً بين هذا وذاك في ضوء ما تحقق فعلاً من جهود في مجال الحصول على الأسلحة وتصنيعها وأخيراً انتقلت الدراسة إلى محاولة استشراق مستقبل التعاون العسكري العربي في محاولة جديدة لوضع تصور لهذا المستقبل.