"ما أصدق حدسك يا جبران... وطنٌ كثرت فيه طوائفه حتماً سيقلُّ به الإيمان، وطنٌ تاجر فيه الحاكم بالأحياء وبالموتى بالله وبالأديان، وطنٌ يقتل فيه الناس، فتنفتح دكاكين الحزن وسوبرماركات الأكفان.. وطنٌ مهما اغتالوا فيه سيبكي القاتل مجهولاً.. فالمُتهَمُ كما المتهِمُ مدان، وطنٌ يستورد يومياً أصناف البشر الأخرى ليهاجر منه الشبان، وطن عام...
قراءة الكل
"ما أصدق حدسك يا جبران... وطنٌ كثرت فيه طوائفه حتماً سيقلُّ به الإيمان، وطنٌ تاجر فيه الحاكم بالأحياء وبالموتى بالله وبالأديان، وطنٌ يقتل فيه الناس، فتنفتح دكاكين الحزن وسوبرماركات الأكفان.. وطنٌ مهما اغتالوا فيه سيبكي القاتل مجهولاً.. فالمُتهَمُ كما المتهِمُ مدان، وطنٌ يستورد يومياً أصناف البشر الأخرى ليهاجر منه الشبان، وطن عامله... يفتح فيه الجوع ونائبه يرقص في المجلس كالسعدان. هل تنظر ولادته ثانية والقابلة.. هي الحيتان؟ بالأمس علت أمواج الحزن الصادق لكن لم تبلغ أبراج السلطان... أما الحزن الدفوع الأجر فقد فلت من الأوكار ليلتف علينا كالثعبان. يا من ورثوا، يا من ينتظرون لكي يرثوا سأقول لكم بفم مليان.. الصورة واضحة حتى لو لم يبصرها نصّاب ومصابٌ بعمى الألوان... حرّاس ثغور ولصوص وقبور فاختر من هم أبناؤك يا لبنان".لماذا الموت عند الشاعر؟! ولماذا الشعر.. لأنهما الحاضران دائماً في وجدان أمتنا. نقول الشعر حتى لا نموت، ونموت مطمئنين حتى لا يفقد الشعر نكهة الحياة الجميلة.. نتقمص قصائدنا وننبعث من حرارة قبورنا.. ونموت مرة ثانية حتى نستحق شرف الانتماء إلى ما لا يموت تلك هي فلسفة الشاعر في مجموعته "تابعوا موتنا" تسري هي في كل قصائده، متوجهاً بها إلى العرب وغلى كل الشعوب المظلومة، وكل المسحوقين ليتابع العالم الأول موتهم... علّهم بذلك يطربون.