صدر حديثًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب جديد للدكتور عزمي بشارة بعنوان في الإجابة عن سؤال: ما السلفية؟. والكتاب دراسة وافية ومعمقة عن السلفية التي، وإن لحقها مقدار كبير من التعريفات والشروح والاستعمالات المتباينة، فإن الدارسين والباحثين ما برحوا، مع ذلك، يتداولون هذا المصطلح إما بالتبسيط الذي يُخلُّ بالمعنى، أو ...
قراءة الكل
صدر حديثًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب جديد للدكتور عزمي بشارة بعنوان في الإجابة عن سؤال: ما السلفية؟. والكتاب دراسة وافية ومعمقة عن السلفية التي، وإن لحقها مقدار كبير من التعريفات والشروح والاستعمالات المتباينة، فإن الدارسين والباحثين ما برحوا، مع ذلك، يتداولون هذا المصطلح إما بالتبسيط الذي يُخلُّ بالمعنى، أو بالنقول المتواترة التي لا تضيف أي جديد على ما قاله الأسلاف. غير أن هذا الكتاب، خلافًا لذلك، ينأى تمامًا عن إعادة تدوير كتابات السلف، كما درجت العادة عند الكُتاب التقليديين، بل يقتفي أثر العلم والبحث التاريخي والتفكير النقدي، فيدرس السلفية لا كمفهوم مجرد ذي معانٍ اختزالية، بل كمصطلح له تاريخ، وله منشأ تاريخي، وخضع في سياقه التاريخي لتعديلات مهمة في معناه ودلالاته معًا، بحيث أن مفهوم السلفية لم يبقَ واحدًا، بل صار متعددًا، وصارت لدينا سلفيات لا سلفية واحدة، كالسلفية الإصلاحية والسلفية الدعوية والسلفية العلمية والسلفية الجهادية.يحفر عزمي بشارة أثلامًا في التاريخ الإسلامي، في محاولة لتأسيس مدخل علمي يُمكِننا من خلاله فهم العلاقة بين السلفية والوهابية، ويقيم تفاعلًا معرفيًا بين سلفية "أهل الأثر" القدامى وسلفية ابن تيمية. لهذه الغاية، يعود إلى ثنايا التاريخ الإسلامي ليعالج السلفية في ظهوراتها المتعددة، ويستولد من ذلك فهمًا معاصرًا لها من خلال التصدي لإشكالية المصطلح على المستويين الفكري والتاريخي، ومن خلال دراسة حنبلية محمد بن عبد الوهاب وسلفية محمد رشيد رضا، فضلًا عن تمثلات السلفية في النطاق الفقهي، ومقارنة ذلك بالسلفيات المسيحية التي ظهرت في حقبة "الاصلاح الديني" في أوروبا.