يعتبر الإعلام بعدا رئيسيا يميز عالم القرن الواحد والعشرين، وهو أحد الدعائم الاستراتيجية لبناء مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية والحضارية لكل المجتمعات. وعلىه فإذا كانت المدرسة لها مهمة تنشئة وإعداد أجيال اليوم للغد، فقد أصبح لزاما علىها التحكم في التدفق المعلوماتي لمختلف المجالات التربوية،الاقتصادية، العلمية والتكنولوجية، ا...
قراءة الكل
يعتبر الإعلام بعدا رئيسيا يميز عالم القرن الواحد والعشرين، وهو أحد الدعائم الاستراتيجية لبناء مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية والحضارية لكل المجتمعات. وعلىه فإذا كانت المدرسة لها مهمة تنشئة وإعداد أجيال اليوم للغد، فقد أصبح لزاما علىها التحكم في التدفق المعلوماتي لمختلف المجالات التربوية،الاقتصادية، العلمية والتكنولوجية، الاجتماعية والاقتصادية، لتمكين الأجيال من التكيف والتأقلم مع مستجدات العصر. ذلك أن المعلومات لها وظيفة تربوية في تشكيل مواقف واتجاهات الإنسان وفي بناء شخصيته.وهو ما يوجب على المدرسة مواكبة هذا التطور بإدخال العملية الإعلامية وتقنيات الاتصال ضمن النشاطات التربوية الأساسية لبلوغ أهدافها وغاياتها المنشودة المتمثلة في تكوين إنسان مندمج في مجتمعه ومنضبط وفق قيمه وقوانينه ومتفتح على العالم.والإعلام التربوي لا يمكن فصله عن الفعل التربوي، بل هو جزء لا يتجزأ منه، تربطه علاقة وظيفية بالتوجيه المدرسي والمهني، بل يعتبر أحد أركانه الأساسية الذي بوساطته يتم الارتقاء بالتلميذ إلى مستوى الاختيار واتخاذ القرارات المناسبة فيما يخص مستقبله الدراسي والمهني وحتى الاجتماعي، وعن طريقه تتفتح المدرسة على المحيط الخارجي، الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وبفضله تتمكن من مسايرة التطورات الحاصلة على المستوى العلمي والتقني والمعرفي، وبالتالي الاستجابة للتغيرات الطارئة على كل المستويات.تشير الادبيات التربوية والاعلامية الى اهمية كليهما وضرورة تكاملهما، فالهدف التربوي لا بد ان يكون موجودا لدى المخطط الاعلامي، والاسلوب الاعلامي لا بد ان يكون موجودا لدى المخطط التربوي، فالحاجة الى الاعلام التربوي جاءت كانعكاس ورد فعل على الاساليب التربوية والمواعظ التي تقدم من خلال وسائل الاعلام المختلفة بشكل تقليدي لا سيما ان محاولات فصل الاعلام التربوي عن الفعل لم تحقق اية نتائج، بل ان الفهم الذي يسود لان هو وجود روابط وعلاقة وظيفية بينهما خصوصا من جهة التوجيه المدرسي والمهني، وهناك من يعتبر ان الاعلام التربوي احد اركان العملية التربوية والتعليمية الاساسية الذي بوسطاته يتم الارتقاء بالتلميذ الى مستوى الاختيار واتخاذ القرارات المناسبة فيما يخص مستقبله الدراسي والمهني وحتى الاجتماعي.ومع ذلك فثمة إشكالية مصدرها معسكر التربويين العرب الذين لم يحسموا إلى الآن خلافهم حول كلمتي تربية وتعلىم، وانسحب ذلك على نظرائهم الإعلاميين فلم يحسموا الخلاف والجدل حول إعلام تربوي، وإعلام تعلىمي، وإعلام عن التربية، وإعلام للتربية، وتكنولوجيا التعلىم، والتجديد التربوي، والمعلومات التربوية، والاستحداث التربوي، ووسائل الاتصال التربوي، والتلفزيون التربوي،...وهكذا، تعددت أسماء الإعلام التربوي. إن التسميات الكثيرة التي يزخر بها معجم الإعلام الحديث كالإعلام الاقتصادي والإعلام الزراعي والإعلام العسكري، ما هي في الواقع إلا فروع من شجرة كبيرة هي شجرة الإعلام بمعناها الشمولي لا بمعناه التبسيطي، وتبرز أهمية الإعلام التربوي بربطه بين الإعلام والتربية بخط رفيع يحتاج رسمه إلى دقة بالغة. إن أول إعلامي في المجتمع هو المعلم، كما يؤكد ذلك الشاذلي الفيتوري. وليس من المصادفة أن وقع اشتقاق مفردات الإعلام والتعلىم من جذر واحد، وصار بذلك الفرق بين الإعلام والتعلىم يبرز من حيث شدة وقوع الفعل، لا من حيث طبيعته. وقد حاولنا في كتابنا هذا إبراز أهمية الإعلام التربوي، أهدافه، ومحتوياته، وتقنيات الاتصال والمعلوماتية التعلىمية، وتأثير ذلك على المعلم والطالب.