نبذة النيل والفرات:يتحدث هذا الكتاب عن المنهج الكمي في دراسة الإنسان ويقصد به التقدير الكمي الرقمي العددي لقدرات الإنسان وميوله واستعداداته ومهاراته وسمات شخصيته ومواهبه وخبراته وأدائه وإنجازه وتحصله في مختلف المجالات. وكذلك التقدير الكمي لمشاعر الإنسان وعواطفه وانفعالاته وكافة استعداداته الخارجية والداخلية التي يمكن قياسها وملا...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:يتحدث هذا الكتاب عن المنهج الكمي في دراسة الإنسان ويقصد به التقدير الكمي الرقمي العددي لقدرات الإنسان وميوله واستعداداته ومهاراته وسمات شخصيته ومواهبه وخبراته وأدائه وإنجازه وتحصله في مختلف المجالات. وكذلك التقدير الكمي لمشاعر الإنسان وعواطفه وانفعالاته وكافة استعداداته الخارجية والداخلية التي يمكن قياسها وملاحظتها إما بطريقة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، كأن تعين آثار القدرة أو السمة كما تظهر في سلوك الإنسان. ذلك لأن السلوك هو ما يمكن إخضاعه للملاحظة والتجريب والقياس يكمن الاستدلال على ما ورائه من قدرات واستعدادات وميول وعواطف. ذلك لأن مثل هذه القدرات هي في جوهرها مفاهيم أو تصورات معنوية مجردة أو ذهنية لا يمكن إخضاعها للملاحظة والقياس والتجريب ولذلك يهتم علم النفس بدراستها وقياسها بطريقة غير مباشرة أي كما تظهر من خلال السلوك. ولقد كان قديماً يثار جدال نحو عدم إمكانية قياس الأمور العاطفية والمعنوية والداخلية في الإنسان، ولكن علم النفس استطاع أن يبتكر من الوسائل ما يمكنه من قياس كافة استجابات الإنسان الداخلية والخارجية كالعواطف والمشاعر والآراء والاتجاهات وذلك قياساً كمياً ورقمياً. كذلك كان يثار جدال حول مدى مشروعية تطبيق الاختبارات والمقاييس النفسية والعقلية والتربوية بدعوة أن هذه المقاييس وتلك الأدوات قد تم تصميمها وابتكارها في المجتمعات الغربية أو الأميركية، وهي ذات ثقافات تختلف عن ثقافتنا العربية. ولكن الحقيقة أن هذه الاختبارات وتلك المقاييس لا تطبق حرفياً بصورتها الأوروبية أو الأميركية وإنما يعاد تعريبها وتقنينها على بيئات عربية ومن ثم يتم إعادة صياغتها بعد صبغها بالصبغة العربية وبعد تعديلها بما يتفق مع الظروف المحلية فضلاً عن أنها لا تستخدم إلا بعد إعادة إيجاد صدقها وثباتها بمعنى أنها تقيس فعلاً ما وضعت من أجل قياسه وأنها ثابتة فيما تعطي من نتائج كلما أعيد تطبيقها على نفس الأفراد وتحت نفس الظروف. كذلك فإن هذه المقاييس يتم وضع معايير جديدة لها مستمدة من تطبيقها على عينات عربية بحيث لا يعقل أن تقارن طفلاً مصرياً من أعماق الريف أو من قرية "سلامون القماش" بزميله في مدينة واشنطن إذ لكل منهما ثقافته الخاصة، ومعنى ذلك وضع معايير جديدة أي وسائل لمقارنة درجات الأفراد بهذه المعايير أي تلك التي يحصلون عليها من تطبيق الاختبارات عليهم، فنتعرف عما إذا كان طفلاً معيناً يعتبر شديد الذكاء أم شديد الغباء أم في منزلة وسطى وذلك قياساً بزملائه من أرباب سنة ومن أهل قريته ومن أصحاب نفس المستوى التعليمي والاجتماعي والاقتصادي وعلى ذلك تجيء الأحكام الكمية التي نصدرها بناء على تطبيق تلك المقاييس عادلة ومنصفة وليس فيها ظلم أو إجحاف.