من الجدير بالتذكير، أولاً، أن المعلومات والإنسان هما صنوان لا يفترقان. فمنذ وجوده، أي الإنسان، على هذه البسيطة وهو بحاجة الى المعلومات. وقد استعان بها لتكييف حياته، من جهة، ولقهر قوى الطبيعة، التي كانت تتحكم به، وبما يحيط به بدرجة كبيرة، من جهة ثانية. وعلى هذا الأساس فقد سعى الإنسان، وهو في جوف الكهوف، إلى نقل خبراته وتجاربه الح...
قراءة الكل
من الجدير بالتذكير، أولاً، أن المعلومات والإنسان هما صنوان لا يفترقان. فمنذ وجوده، أي الإنسان، على هذه البسيطة وهو بحاجة الى المعلومات. وقد استعان بها لتكييف حياته، من جهة، ولقهر قوى الطبيعة، التي كانت تتحكم به، وبما يحيط به بدرجة كبيرة، من جهة ثانية. وعلى هذا الأساس فقد سعى الإنسان، وهو في جوف الكهوف، إلى نقل خبراته وتجاربه الحياتية الى الأجيال التي تلته، من خلال استخدام الرسومات والكتابات الصورية، على الجدران، مجسداً فيها الظواهر الطبيعية التي تعرض لها، مثلاً، والتي وقفت عائقاً أمام ممارسته حياته الطبيعية. ولكن عندما قرر الإنسان أن يكون عنصراً فاعلاً في بناء الأرض وإدامة الحياة، خرج من كهفه ليصبح منتجاً، بعد أن كان مستهلكاً للثروات الطبيعية التي وهبها الله U له، ولبقية الكائنات، بدءا بالزراعة لينتج الغذاء. وهذا الانتقال هو الذي دفعت به الى عصر جديد، سمي بالعصر الزراعي، والذي تطلب منه في ذلك العصر جمع وادخار معلومات وفيرة، ومعمقة، عن الحالات التي كان عليه أن يمارسها، في معالجة المشكلات التي كانت تعترضه خلال ممارسته للزراعة. وعلى هذا الأساس، ومن هذا المنطلق، فإننا نستطيع القول إنه بزغت أهمية المعلومات للإنسان.وبعد ذلك، وتحديداً في العصر الصناعي، احتاج الإنسان الى معلومات كثيرة، عن الادارة، كونها العمود الفقري الذي ترتكز عليه الصناعة. وبذلك انتبه لهذه الحالة، واخذ يبتكر ويطور قوانين كثيرة في علم الإدارة، والتي كان قوامها المعلومات.وأما العصر الحالي الذي نعيشه، فقد ذهب الأمر لأبعد من ذلك، فقد سمي العصر، وبجدارة، بعصر المعلومات. حيث أصبحت المعلومات من السلع المهمة التي تنتجها المجتمعات المتقدمة، بشكل رئيس. وذلك من أجل دعم برامجها التعليمية، والبحثية، وحتى الاقتصادية. وبذلك أخذت المعلومات حيزاً واسعاً في ميزانيات هذه المجتمعات، وخاصة المجتمعات والدول المتقدمة.وعلى أساس ما تقدم فإن الأهمية التي أصبحت تحتلها المعلومات، في عصرنا الحالي، جعلت منها علماً يدرس في الكثير من الجامعات العالمية. ومن هذا المنطلق وجدنا من الواجب علينا الإسهام في تعريف الباحثين، والطلبة، وأصحاب القرار بأهمية المعلومات، وفي الأوجه المختلفة للحياة.وقد ضم هذا الكتاب، والموسوم بعلم المعلومات والنظم والتقنيات، على سبعة فصول، خصص الفصل الأول منها للتعريف بالمعلومات، وأهميتها، وخصائصها، وأنواعها، ونظمها، فضلاً عن ثورة المعلومات والمردودات الإيجابية والسلبية لها. أما الفصل الثاني، الذي أطلق عليه تسمية دور المعلومات في حركة المجتمع المعاصر، فقد احتوى على محاور عدة تمثلت بالتعريف بمفهوم عصر المعلومات، وسماته ومعطياته، وعلاقة المعلومات بالبحث العلمي، من جهة، وبالإدارة الناجحة، من جهة أخرى. وكذلك الملامح الإيجابية والسلبية لمجتمع المعلومات المعاصر، ومشاكل المعلومات.أما الفصل الثالث فقد احتوى على عرض موسع لمفهوم تكنولوجيا المعلومات، والعناصر الداخلية والخارجية لمنظومة تكنولوجيا المعلومات، والبيئة التكنولوجية المطلوبة، والأمية التكنولوجية وما تعنيه للقارئ والباحث. وكذلك عملية صناعة القرارات من خلال استثمار إمكانيات تكنولوجيا المعلومات والمعرفة. وكذلك التعريف بالأقراص الليزرية المكتنزة، والأوعية متعددة الأغراض، ومراحل تطوراتها.وخصص الفصل الرابع للتعريف بنظم استرجاع المعلومات. ونظم إدارة المعلومات، والأشكال المختلفة لنظم استرجاع المعلومات، وتقييم نظم استرجاع المعلومات. بينما تم تكريس الفصل الخامس لمصادر المعلومات المحوسبة، والتعريف بها، وأنواعها، واتجاهاتها، وبمبررات التوجه نحوها. وكذلك مشاكل التعامل معها. وطالما دخلنا في موضوع المعلومات المحوسبة فإنه لابد من الانتقال إلى شبكة المعلومات العالمية الشهيرة "الإنترنت"، والتعريف بها، وبمميزاتها ومحدداتها، ومستلزمات الارتباط بها والاستفادة من معلوماتها وخدماتها، وتطبيقاتها، وخصص الفصل السادس من الكتاب لهذا الموضوع.أما الفصل السابع والأخير من الكتاب فقد كرس إلى موضوع تسويق المعلومات، بما في ذلك التعريف بمفهوم تسويق المعلومات، ومبرراته، وأنواع المعلومات التي يمكن تسويقها وترويجها. وكذلك كيفية بناء استراتيجية لتسويق المعلومات.