ان المباحث اللغوية في العربية كثيرة في عددها، متشعبة في سبلها، متباينة في نظرة الدارسين إليها، نظرة تلتقي حيناً، وتختلف حيناً ثانياً، وتتقاطع أحيان أخرى؛ وذلك بحسب منهج كلّ باحث في النظر إلى الدرس اللغويّ.ومنذ القديم واللغويون مشغولون في الأصوات اللغوية، ولهم فيها محاولات جادّة، لكنّها محاولات لا تبلغ من الدّقة، والإتقان، والضبط...
قراءة الكل
ان المباحث اللغوية في العربية كثيرة في عددها، متشعبة في سبلها، متباينة في نظرة الدارسين إليها، نظرة تلتقي حيناً، وتختلف حيناً ثانياً، وتتقاطع أحيان أخرى؛ وذلك بحسب منهج كلّ باحث في النظر إلى الدرس اللغويّ.ومنذ القديم واللغويون مشغولون في الأصوات اللغوية، ولهم فيها محاولات جادّة، لكنّها محاولات لا تبلغ من الدّقة، والإتقان، والضبط ما وصل إليه العلماء اليوم، لكنها في المحصلة تبقى البذور الأولى التي انطلق منها لغويو العصر الحديث.فقد أُثر عن اليونان والرومان والهنود ملحوظات صوتية، كانت الأساس الذي قام عليه علم الأصوات الحديث. يقول فيرث: بأنّ مدرسة الأصوات الإنجليزية لم تنشأ في القرن التاسع عشر إلاّ على أكتاف المعلومات التي قدّمها وليم جونز عن النحاة والأصواتيين الهنود.فقد صنّف القدماء – اليونان والرومان والهنود والعرب – الأصوات إلى: مهموسة ومجهورة وَفْقاً لتقارب الوترين الصوتيين أو تباعدهما.ووجدت ملحوظات قيّمة عند سيبويه تقوم على تقسيم الأصوات إلى ثلاث طبقات: شديدة، ورخوة، وما بين الشديدة والرّخوة. كما وضعت مصنفات صوتية على درجة عالية من الدّقة والإحكام، منها: كتاب العين للخيل ابن أحمد الفراهيدي، وكتاب سيبويه، وسرّ صناعة الإعراب لابن جنيّ، ورسالة في أسباب حدوث الحروف لابن سينا، وغيرها.ولا ننسى دور علماء القراءات القرآنية، الذين لهم إضافات صوتية إلى ما أُثر عن الخليل وسيبويه.فقد وُضع هذا الكتاب، ليكون مقدّمة أو مدخلاً في علم الأصوات العربية لطلبة الجامعة، أولئك الطلبة الذين يأتون من المدرسة إلى قسم اللغة العربية في الجامعة، وهم لم يسمعوا شيئاً عن علم الأصوات، فزادهم فيه قليل، إنْ لم يكن صفراً. فهو – إذاً - كتاب أو مقرر دراسي يقدم للطلبة مدخلاً في علم الأصوات، وليس كتاباً متخصصاً دقيقاً في هذا العلم، لأننا لو أردنا التفصيل لاحتجنا إلى كتب في مباحث هذا العلم، وفروعه، وتفصيلاته، وأزعم أنّ لكلّ جزئية فيه يمكن أن يُقام عليها كتاب مستقل.يتضمن هذا الكتاب مقّدمة، ومهاداً تاريخياً، وفصولاً هي: الفصل الأول – تعريف عام بعلم الأصوات – يتضمن: مفهوم علم الأصوات، ومنزلته، وموضوعه، وأهميته، وفروعه، ومناهجه، وجهود العرب القدماء في الدراسة الصوتية.والفصل الثاني، علم الأصوات النطقي - يتضمن مفهومه: وموضوعاته، وجهاز النطق، وأعضاء جهاز النطق، ووصف هذه الأعضاء.والفصل الثالث، القوانين الصوتية – يتضمن: قانون المماثلة، وقانون المخالفة. والفصل الرابع، المقطع الصوتي- ويتضمن: مفهومه، وأهميته، وأشكاله، وخصائصه. والفصل الخامس، الفونيم – يتضمن: نشأة الفونيم، وأنواع الفونيمات، وعلامات الفونيم، وأهمية الفونيم، والفونيم والألفون. والفصل السادس، الفونيمات القطعية (التركيبية) – ويتضمن: تصنيف الأصوات اللغوية، والنظام الصوتي للأصوات العربية، والمواضع النطقية للحركات. والفصل السابع، الفونيمات غير التركيبية – يتضمن: النبر، والتنغيم الصوتي، والمفصل. وملاحق، تتضمن:1. مصطلحات صوتية.2. وجداول في الترتيب الصوتي عند كلّ من: الخليل، وسيبويه، وابن جني، وابن سينا.3. وتعريف عام بأشهر الأصواتيين العرب القدماء.4. وتمرينات محلولة، وأخرى غير محلولة، الهدف منها تدريب الطلبة، ومعرفة مدى تقدّمهم، وتحصيلهم من هذا الموضوع.