أمسيتنا اليوم في منتدى الحوار مرتقبة نتطلع إليها بشوق ونحضرها بشغف ونأمل أن نستمتع فيها بصوت من تلك الأصوات النابعة من أعماق الضمير المصري والعربي، بصوت يرد الاعتبار للمثقفين، يضئ وجههم ويحمل أمانة كلمتهم ويعبر عن ما لا يمتلك الآخرون الشجاعة والرؤية والمقدرة والدأب للتعبير عنه. دائماً في تاريخ مصر، قامات تبرز لا بشكل مفاجئ وإنما...
قراءة الكل
أمسيتنا اليوم في منتدى الحوار مرتقبة نتطلع إليها بشوق ونحضرها بشغف ونأمل أن نستمتع فيها بصوت من تلك الأصوات النابعة من أعماق الضمير المصري والعربي، بصوت يرد الاعتبار للمثقفين، يضئ وجههم ويحمل أمانة كلمتهم ويعبر عن ما لا يمتلك الآخرون الشجاعة والرؤية والمقدرة والدأب للتعبير عنه. دائماً في تاريخ مصر، قامات تبرز لا بشكل مفاجئ وإنما على مهل مثل النخيل يستغرق وقتاً طويلاً في نموه وسموقه لكنه ينتصب بعد ذلك ليعمر الكون وليضفي عليه ثمره وليجسد ملامحه الأصيلة. الدكتور عبد الوهاب المسيري أحد تلك القامات التي عرفت كيف تلتقط إيقاع الحياة العربية والمصرية في النصف الثاني من القرن العشرين، وكيف تقع على قضيتها الجوهرية في صراع الوجود مع العدو وأهم من ذلك كيف تكرس عمرها وحياتها وكل لحظة من وجودها لبناء معرفة علمية شامخة تصبح هي المرجعية الأساسية لهذه الإشكالية الوجودية الكبرى.من الطريف أن الدكتور عبد الوهاب المسيري قد بدأ حياته أستاذاً للأدب واللغة وللدراسة الأدبية المقارنة، لكنه لم يهبها للأدب العربي ولا للغة العربية، ولكنه وهبها للغة الإنجليزية وللأدب الإنجليزي، وأدرك رسالته في هذا الجانب أننا ندرس لغات العالم كي نغذي أولاً ضمائرنا ووعينا وإدراكنا المعرفي بالكون ولكي نرفع شأن لغتنا وثقافتنا بمعرفتنا بهذه اللغات، لكنه سرعان ما مارس العمل متزوداً بسلاح هذه المعرفة في مشروع عمره الذي تعرفونه والذي سيحدثنا عن بعض أوجاعه ومراحله ولفتاته ومفاصله في هذه الأمسية.